أعجبتني تغريدات كتبتها الفنانة اللبنانية اليسا في الأيام الماضية تتعلق
بالأحداث المؤلمة التي يمر بها لبنان مع تواصل العدوان الاسرائيلي. هذه
التغريدات تنم عن وعي وطني سليم.
بالإضافة بالطبع الى تعبيرها عن الألم والحزن لما يشهده لبنان والشعب اللبناني،
توقفت خصوصا عند ثلاثة آراء عبرت عنها في تغريداتها.
أولا:
كتبت: "إذا لازم نلوم حدا، لازم نلوم حالنا على كل شي وصلنا له بلبنان، حلو
يكون عنا وعي ونعرف (حتى لو ما حابين نعرف) شو لِ وصلنا لهون".
اليسا تثير قضية لها اهمية حاسمة. تقول ان ما يشهده لبنان حاليا من احداث مؤلمة
جسيمة يجب ان تكون مناسبة لأن يحاسب اللبنانيون انفسهم.. مناسبة لطرح سؤال
محوري هو: لماذا وصلنا الى هذا الوضع؟ ما الذي اوصلنا الى هذا الحال؟ ومن
المسئول؟
الحقيقة ان هذا امر لا يخص لبنان وحده وانما كل الدول العربية.
الحادث انه على الرغم من المآسي التي شهدناها في الفترة الماضية وخصوصا منذ بدء
حرب الابادة في غزة، وما يحدث للبنان مؤخرا، فإننا لم نتوقف ونسأل انفسنا عن
العوامل والأسباب التي اوصلتنا الى هذا الحال.
عادة نحن نكتفي بالقاء المسئولية على الآخرين. وهذا صحيح من جوانب كثيرة وخصوصا
وجود مخططات عدوانية وتوسعية تستهدف دولنا. لكن القضية الجوهرية لا تقف عند هذا
الحد. القضية الجوهرية هي، لماذا تعجز دولنا عن الدفاع عن انفسها ومواجهة
العدوان؟ ما حدود مسؤوليتنا نحن عما يجري لنا؟ وهكذا.
في حال لبنان مثلا، لا بد من وقفة مصارحة وتحديد لمسئولية اللبنانين انفسهم عما
وصل اليه حال البلاد. مثلا، من المسئول عن غياب الدولة اللبنانية واختطافها؟ من
المسئول عن جعل لبنان ساحة للنفوذ والتحكم الإيراني؟ لماذا عجز الكل عن تغيير
معادلة النظام الطائفي في لبنان؟ وهكذا.
المهم ان فتح ملف اخطائنا نحن في الدول العربية وأوجه القصور والخلل على كل
المستويات، وبالتالي مناقشة كيف نعالجها هو أمر جوهري اذا كان لنا ان ندافع عن
دولنا مستقبلا.
ثانيا:
وكتبت الفنانة إليسا تقول: "أملنا الوحيد الجيش اللبناني ولا أحد غير الجيش
اللبناني".
هذا كلام مهم جدا، وهو يلخص في الحقيقة جوهر طريق الخلاص للبنان اليوم وفي
المستقبل.
لا أمل للبنان الا اذا استعادت الدولة مكانتها المفترضة الطبيعية في ان تكون هي
صاحبة القرار في كل ما يخص شئون البلاد من دون طائفية ولا تحكم أي قوة طائفية
ايا كانت. ولا امل الا اذا استعاد الجيش اللبناني مكانته واصبح هو القوة
الوحيدة التي تمتلك السلاح والقدرة العسكرية وتكون مسئولة مسئولية كاملة عن امن
واستقرار البلاد ومواجهة الأخطار الخارجية.
هذ أكبر درس من المفروض تعلمه مما يجري حاليا في لبنان.
ثالثا:
ردا على بعض الذين انتقدوا استمرار الفنانين في مواصلة انشطتهم وطالبوهم
بالتوقف نظرا للظروف التي تمر بها البلاد، كتبت إليسا: “إذا حابين نرجع نوقف
على رجلينا، ونساعد أهلنا وندعم اقتصاد بلدنا، لازم نشتغل".
هذا رأي صحيح تماما.
في كل الأوقات ومهما كانت الأزمات والظروف الصعبة التي يمر بها اي بلد، الحياة
يجب الا تتوقف.
الدول لا تجتاز ازماتها وتمضي الى الأمام الا بالعمل الجاد المخلص لكل أبنائها.
العمل الجاد المخلص وخصوصا اوقات الأزمات هو احد اكبر مظاهر الولاء للوطن،
واكبر مظاهر المسئولية الوطنية التي يجب ان يتحلى بها الجميع.
كما نرى، هذه الاراء التي عبرت عنها اليسا هي آراء وطنية مخلصة وصائبة.
وبالمناسبة الفنانة اليسا حاصلة على بكالوريوس العلوم السياسية. ولهذا لديها من
الثقافة ما يؤهلها للحديث في هذه القضايا وابداء الرأي فيها. |