قبل يومين شهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي احتفالا كبيرا بمناسبة انتصارات
حرب اكتوبر 1973. اثناء الاحتفال، وجه بإنشاء محور في محافظة القاهرة، وأيضا حي
سكني بشمال سيناء باسم الحاجة فرحانة التي وصفها بأنها "الست العظيمة النموذج
للمرأة المصرية البدوية العربية"
فمن هي الحاجة فرحانة التي كرمها الرئيس السيسي؟
الحاجة فرحانة مناضلة وفدائية من اهل سيناء لعبت دورا وطنيا مشهودا في اعقاب
هزيمة 1967 واحتلال إسرائيل لسيناء وساهمت في انتصارات حرب أكتوبر.
اثناء الاحتفال عرض فيلم وثائقي عن بطولات الحاجة فرحانة وابطال آخرين من
سيناء. قال نجلهاان الحاجة فرحانة تبلغ من العمر 105 أعوام، وهي أكبر فدائية
مصرية في شمال سيناء، موضحًا تفاصيل جهودها في نقل المعلومات للمخابرات المصرية
بعد 1967، حيث كان دورها الأساسي توصيل المعلومات السرية التي تحصل عليها من
المجاهدين ونقلها إلى القوات المسلحة المصرية.وأضاف أنها كانت تعمل على إخفاء
تلك المعلومات في ملابسها بتتطريزها بالإبرة، لإخفائها، مشيرا إلى أنها كانت
تغيب لنحو شهرين أو 3 عن المنزل، وأصابع قدمها كان سوداء من كثرة السير على
الرمال وهي ساخنة.
على امتداد سنوات ظلت الحاجة فرحانة تلعب هذا الدور الوطني.
ومن ناحيتها، قالت الحاجة فرحانة: سيناء كلها أبطال وأنا واحدة منهم.
بالفعل كما قالت، سيناء شهدت بطولات لا حصر لها اثناء الاحتلال الاسرائيلي كلها
تستحق التوثيق والتكريم.
ولا يمكن ان نتحدث عن بطولات اهل سيناء من دون ان نتوقف عند ما حدث في مؤتمر
مدينة الحسنة في 31 لكتوبر عام 1968.
الذي حدث في المؤتمر ملحمة وطنية كبرى سجلها التاريخ.
بعد احتلال سيناء وضع الاسرائيليون بقيادة موشي ديان خطة لفصل سيناء عن مصر
ووضعها تحت الوصاية الدولية.
التقى موشية ديان وزير الدفاع افسرائيلي، عددا من مشايخ سيناء وأغدق عليهم
الهدايا والأموال لإقناعهم بتنبي فكرة اعلان استقلال سيناء عن مصر.
مشايخ سيناء يتقدمهم الشيخ سالم الهرش،،وبترتيب مع المخابرات المصرية، سايروا
ديان واظهروا لهم موافقتهم على خطته.
وحددت إسرائيل يوم 31 أكتوبر عام 1968 لعقد مؤتمر كبير في الحسنة لإعلان الخطة.
وقامت الطائرات الإسرائيلية بنقل الطعام ومصورى وكالات الأنباء وعشرات القنوات
العالمية وكبار القيادات في إسرائيل الذين توافدوا جوا على مكان عقد المؤتمر.
جمعت اسرائيل مختلف وكالات الأنباء العالمية، وأحضرت مخرجًا إيطالي الجنسية،
ومندوبًا من الأمم المتحدة،كي تقدم لعالم هذا الحدث التاريخي بالنسبة لها.
بدأ المؤتمر وطرحت إسرائيل خطتها بفصل سيناء عن مصر ووضعها تحت الوصاية الدولية
بموافقة أهالي سيناء، وقام مشايخ سيناء بتفويض الشيخ سالم الهرش للحديث باسمهم
جميعا.
وجلس موشي ديان ينتظر اللحظة الحاسمة بإعلان انفصال سيناء عن مصر وتدويلها.
وقف الشيخ سالم الهرش متحدثا باسم كل اهل سيناء، وقال: "إن سيناء مصرية وقطعة
من مصر ولا نرضى بديلا عن مصر وما انتم إلا احتلال ونرفض التدويل وأمر سيناء في
يد مصر، سيناء مصرية مائة في المائة ولا نملك فيها شبرا واحداً يمكننا التفريط
فيه".
ووسط ذهول وصدمة وخيبة ديان قال الشيخ سالم الهرش أيضا.: "إن باطن الأرض أفضل
لنا من ظهرها، من أراد أن يتفاوض عن سيناء، فليتفاوض مع الرئيس جمال عبد
الناصر.. فهي جزء لا يتجزأ من مصر".
كانت لطمة رهيبة موجعة لديان الذي استشاط غضبَا وضرب المنصة برجله.
اروي حكاية المناضلة فرحانة وبطولات اهل سيناء لسببين:
الأول: انه محل تقدير كبير ان يقوم الرئيس السيسي بتكريم مثل هؤلاء الأبطال
وتذكير الأجيال الجديدة بتضحيات وبطولات الحاجة فرحانة وامثالها.
والثاني: اننا في الوطن العربي كله، وفي هذه المرحلة بالذات التي نمر بها، احوج
ما نكون الى ابراز كل من لعبوا ادوارا وطنية بارزة في دولنا، وتقديمها نماذج
يحتذى بها جيل الشباب.
الشباب العربي الذي يشهد اليوم أسوأ مراحل الضعف والعجز بحاجة الى أن يعرفوا أن
ابطالا في تاريخنا غيروا مسار التاريخ وقدموا التضحيات من اجل دولهم، وان
الشباب اليوم بمقدورهم هم أيضا ان يصنعوا تاريخا مشرفا لأمتنا العربية. |