Untitled Document

شبكة البصرة منبر العراق الحر الثائر
print
التهمة الكيدية في حرق مكتبة الإسكندرية 10


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

التهمة الكيدية في حرق مكتبة الإسكندرية 10

شبكة البصرة

علي الكاش

الخلاصة

1. أعتمد المؤرخون على الروايات السابقة دون الرجوع الى بقية المصادر التأريخية التي تعتبر أقدم وأهم من الكتب التي اعتمدوا عليها وذلك لغاية في قلب يعقوب! فهم لم يشيروا مطلقا بأن هذه الرواية تفرد بها هؤلاء دون بقية الرواة، وان الرواة جميعا من المتأخرين عن الحادثة، ولا يوجد سند لرواياتهم. ويلاحظ أنه حتى الكتب الشعوبية التي تحدثت عن مثالب العرب والمسلمين لم تشر الى رواية حرق مكتبة الإسكندرية من قبل العمرين. لم ترد رواية حرق مكتبة الإسكندرية عند الرواة القدماء ومنهم المؤرخ الشيعي المسعودي (393هـ ـ346 هـ) صاحب كتاب (مروج الذهب ومعادن الجوهر)، وكان أقرب عهدا بالدولة الإسلامية من الرواة السابقين. ولا عند الطبري(839هــ 923) الذي سبقهم بقرون ويعتبر المؤسس الحقيقي لعلم التأريخ. ولم يروِ الرواية ابن كثير (701هـ ـ 774) في كتابه الموسوعي (البداية والنهاية) الذي أرخ فيه منذ بدأ الخليقة الى القرن الثامن الهجري. كذلك بالنسبة للمؤرخ أحمد اليعقوبي (توفي 248 هـ) وهو صاحب كتاب (تأريخ اليعقوبي) وكتاب (البلدان). ولا عند البلاذري صاحب كتاب (الأنساب)، كذلك لم يروِ الرواية كبار المؤرخين مثل أبن الأثير في كتابه (الكامل في التأريخ)، والإمام الذهبي في كتابه (تأريخ الإسلام) وطبقات أبن سعد وتأريخ دمشق لإبن عساكر، والمنتظم لأبن الجوزي، والعواصم من القواصم لأبن العربي، وسير أعلام النبلاء للإمام الذهبي، وهذه هي أمهات كتب التأريخ المعتمدة في الوقت الحاضر.

لا يمكن اختزال التأريخ العربي والإسلامي بأربعة رواة وترك البقية. رواة حادثة حرق المكتبة لا ترتقي قيمتهم في السرد التاريخي ودقته إلى مستوى كبار الرواة والمتفق على أهميتهم عند العلماء والأكاديميين والباحثين. بمعنى أنه لا يمكن أن نجعل من رحالة ولاهوتي ومصنف كتب روادا في علم التأريخ ونرجحهم على كبار المؤرخين. أو أن ننزل الرحالة البغدادي وابن العبري والقفطي والمفهرسين إبن النديم وحاجي خليفة بمنزلة الطبري وابن الأثير، والبلاذري والذهبي والمسعودي. كما لا يمكن في الوقت نفسه أن ننزل الطبري والبلاذري والمسعودي والذهبي بمنزلة إبن النديم وحاجي خليفة في تصنيف وفهرسة الكتب. ولا أن ننزل هؤلاء الأخيرين بمنزلة إبن العبري في علوم اللاهوت والسريانية، لكل منهم اختصاص في مجال عمله ونشاطه الفكري.

 

2. لو كانت حادثة الحرق قد تمت فعلا بأمر من عمر الفاروق ونفذها عمر بن العاص لكان الرواة الشيعة الأقدمون وجدوها فرصة ثمينة للطعن في العمرين كالمسعودي واليعقوبي والكليني والأصفهاني والمجلسي، سيما إن بعضهم نسبوا للفاروق الكثير من القصص الكاذبة مثل كسر عظم الزهراء وإجهاضها وغيرها من الخرافات والأكاذيب. بلا شك إن تحميل الفاروق مسؤولية حريق الإسكندرية يمثل طُعما ثمينا للصائدين في المياه العكرة. وما كانوا تركوها تمر هكذا بسلام. وهذا ما يؤكد بأن حادثة الحرق المفبركة لم يكن لها ذكر في عصرهم.

 

3. لا يجهل أحد حب العرب للعلوم والمعارف قبل الإسلام وبعده، يذكرا للعلامة محمود شكري الألوسي من علوم العرب عِلم الطب، وكانوا ما يعلمونه منه مبنياً في غالب الأمر على تجربة قاصرة على بعض الأشخاص، متوارثاً عن مشايخ الحي وعجائزه. وربما يصح منه البعض إلا أنه ليس على قانون طبيعي، وكان لهم علم تام في معالجة الدواب، ومِن مشاهير أطباء العرب: الحارث بن كلدة، وابن حذيم. ومِن علومهم: عِلم الريافة، وهو: معرفة استنباط الماء مِن الأرض بواسطة بعض الأَمارات الدالة على وجوده، فيُعرَف بُعده وقُربه بِشَم التراب، أو برائحة بعض النباتات فيه، أو بحركة حيوان مخصوص. ومِن علومهم: عِلم الاهتداء في البراري وهو: علم يُتعرف به أحوال الأمكنة مِن غير دلالة عليه بالأمارات المحسوسة دلالة ظاهرة أو خفية بقوة الشامة فقط لا يعرفها إلا مَن تدرب فيها كالاستدلال برائحة التراب، ومسامة الكواكب الثابتة، ومنازل القمر. ومِن علومهم: العِلم بخَلق الإنسان، فمَن نظر في كتب العرب أدرك عظيم إلمامهم ومعرفتهم بكيفية تركيب أجزاء البدن وترتيبها، ومِن علومهم: عِلم الملاحة، وأهل المعرفة به مِن العرب مَن سكن سواحل بحر القلزم وبحر الهند وبحر فارس. وكانت للعرب علوم باطلة كعلم العرافة، والكهانة، والعيافة، والزجر، والطرق بالحصى وغيرها". (راجع كتاب بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب).

بعد الفتح الإسلامي تطورت العلوم والمعارف وتوسعت لتشمل آفاقا جديد من خلال الترجمة عن الإغريقية والفارسية، والهندية، والسريانية، وغيرها. إن الأمة التي تمجد العلوم والمعارف وتحترم من يعمل بها بهذا الشكل الرائع لا يعقل أن تحرقها. ولو زعم الشعوبيون بأن العمرين أحرقا كتب الهرطقة والإلحاد فقط! لكانت حجتهم أقوى وربما يتذرع بها البعض ويقبلها، ولكن الله تعالى اراد أن يفضح مآرب الشعوبيين الدنيئة وأكاذيبهم الرخيصة. كما ان عدد الكتب (700000) وبلغات متعددة يصعب معرفة وتمييز المفيد منها من غير المفيد. وليس من الحكمة حرق الكتب المفيدة منها، كما جاء في الوصية المزعومة للفاروق والتي أمر العاص أن يعمل بموجبها.

 

4. احتوت مكتبة الإسكندرية على أكثر من (700000) مجلدا وكان معظمها قد كُتب على أوراق النخيل والخشب والحجر ولحاء الأشجار والعظام والمعادن، وعرف عن المصريين استخدامهم قصب البردي للكتابة ومنها أنتشر في اليونان وروما واستمر الى أن تم اختراع الورق. وقد عرف العرب الورق بعد أسر عدد من الجنود الصينيين بسقوط سمرقند عام 705 م. ولم تعرف مصر الورق إلا في عصر هارون الرشيد. وهذا يكذب رواية ان الكتب استخدمت من قبل أصحاب الحمامات في الإسكندرية، فقد كان منها الواح ومعادن واحجار وعظام وقصب وليس ورقا، فما الذي يستفيد منه أصحاب الحمامات؟

لاحظ التالي:

ذكرت الروايات بأن عدد الحمامات كان حينذاك (4000) حماما، هنا سوف نتوقف قليلا ونتساءل:

أ. كيف تم نقل المجلدات وتوزيعها على أصحاب الحمامات؟ وهل راقب عمرو بن العاص عملية الحرق ليتأكد منها؟ وما الحكمة من كل هذا اللغو؟ ولماذا لم يذكر حكماء العصر واللاهوتيون والقساوسة حرق المكتبة سيما انها تضم الكتب المقدسة وشروحاتها؟ اليس بإمكان الخليفة ان يحرقها في مكانها دون الحاجة الى هذه الجهود الفائضة التي لا داعِ لها؟ ثم أن أصحاب الحمامات كانوا من الروم وليسوا من العرب، فلماذا لم يحتفظوا بها سيما ان بعضها يتضمن كتبهم المقدسة وشروحاتها بلغتهم، وهي تخص تأريخهم وآدابهم وعلومهم؟ اللوم هنا يقع أيضا على الروم أنفسهم الذين كانوا يملكوا الحمامات وحرقوا تأريخهم ومقدساتهم. هذا بالطبع على افتراض صحة الرواية.

ب. لو افترضنا جدلا أن عدد الكتب فعلا (700000) مجلدا، وان عدد الحمامات (4000) حماما كما قال الرواة، فهذا يعني ان نصيب كل حمام سيكون (175) كتابا. وجاء في الرواية ان الحمامات اشتغلت بها (6) اشهر، فهذا يعني ان الحمام الواحد كان يستخدم (29) كتابا في الشهر الواحد، أي يحرق مجلد واحد في اليوم! أي حمام هذا الذي يدفئه مجلد واحد في اليوم؟ لو حرقت مائة مجلد هل ستسخن حماما واحدا لمدة ساعة واحدة؟ علما ان الحمامات عامة.

يذكر محمد مسعود بهذا الصدد" أما دار الكتب الشهيرة فكانت موضوعة في (الميوزيوم) بالجزء المطل على الميناء، وذهب بعضمهم إلى ان مؤسسها هو بطليموس سوطر في القرن الرابع قبل الميلاد، وذهب البعض إلى أن مؤسسها إنما هو ابنه (فيلادلف)، وعلى أي حال فأن الذي جمع الكتب في الحقيقة هو الكاتب المنشيء (دمتريوس دوفالير) الذي أتى به في سنة 290 ق. م. الى بلاط الملك سوطر ملتمسا حماه، فقابله سوطر بالإكرام الزائد. فلما رأى دمتريوس منه فوق ما آمل عاونه على جمع مجموعة من الكتب كان قد صمم الاستحواذ عليها وبلغ عدد ما جمع (200000) مجلد، ولما كانت أيام (فيلادلف) أضيف إلى هذا العدد جميع كتب ارسطوطاليس التي حفظها (تيوفرست) زمنا طويلا واعطاها نيلة ابنه الى ملك مصر على سبيل التنازل، وكانت هذه المجموعة عظيمة جدا وتحتوي على ما تيسر لهذا الفيلسوف من جمعه من كتب الفلسفة والعلوم والفنون، وقد اختلف القدماء في عدد المجلدات التي كانت موجودة، فمن قائل إنها (500000) ومن قائل انها (750000) مجلد، ومن قائل غير ذلك. غير انه لا يجعل بنا ان نغتر بزيادة هذا العدد لأن اغلب المصنفات الكبيرة كانت مركبة من اجزاء صغيرة والتي حملهم على تقسيمها انما هو سرعة عطب ورق البردي وصعوبة مسك المصنف الكبير باليد والقراءة فيه. مثلا مصنفات (مارسيال) التي كانت ذات أبواب عديدة قسمت الى مجلدات بقدر عدد هذه الأبواب، وكذلك قصائد الشاعر هوراس، وبناء على ما أبديناه كانت دار كتب الاسكندرية اصغر بكثير من دور الكتب المتوسطة في عصرنا هذا". (المنحة الدهرية/96).

 

5. يلاحظ ان أهم مروجي حريق الاسكندرية عاصروا فترة الحروب الصليبية وأحدهم (ابن العبري) وهو كما قلنا راهبا ولاهوتيا، وعايش الحملة الصليبية الأولى التي قادها (جان جي برين) عام 615 هـجرية. وأراد أن يخدم أصحاب مذهبه وتحفيزهم لقتال المسلمين باعتبارهم أحرقوا مكتبة الإسكندرية التي كانت تضم آلاف النسخ من الكتاب المقدس وشروحاته وكتب أساطين الدين المسيحي. وهذا ما يقال عن البغدادي (557 هـ ـ629 هـ) والقفطي الذين عايشوا الحروب الصليبية، ومن المعروف أن شراء الذمم في الحروب أمر مفروغ منه. ونحن هنا لا نخون الرواة بقدر ما نقول انهم أخطأوا في حكمهم وفق مبدأ حسن النوايا الذي أوصانا به الإسلام، والله أعلم ما في النفوس.

 

6. لا أحد يجهل وصايا الرسول (صلى الله عليه وسلم) والخلفاء الراشدين من بعده في عدم أيذاء الأمم والشعوب التي تخضع لنفوذهم، سواء كان الأذى عليهم أو على أرضهم أو ممتلكاتهم وزرعهم وحيواناتهم. وقد أتبع الفاتحون هذه الوصايا حرفيا خلال الفتوحات بشهادة النصارى واليهود أنفسهم، إلا بعض الحوادث التأريخية الشاذة التي لا تؤثر على جمال وكمال الصورة. وكان عمر بن الخطاب شديدا مع عماله في الأمصار، ومنهم عمر بن العاص الذي أحضره وحاسبه على شكوى من مواطن من العامة على أبنه، وطلب من الشاكي أن يضرب إبن الأكرمين. وسبق أن أرسل الفاروق كتاب (العهدة العمرية) لواليه في الشام وبقية الأمصار ذكر إبن القيم نصه، حيث يوصيهم فيه" الا يُحدِثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجدِّدوا ما خُرِّب، ولا يمنعوا كنائسهم من أن ينزلها أحدٌ من المسلمين ثلاث ليالٍ يطعمونهم، ولا يؤووا جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين، ولا يعلّموا أولادهم القرآن، ولا يُظهِروا شِركاً، ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوا، وأن يوقّروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبّهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم، ولا يتكنّوا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلّدوا سيفاً، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجُزُّوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيَّهم حيثما كانوا، وأن يشدّوا الزنانير على أوساطهم، ولا يُظهِروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيءٍ من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يَظهِروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جَرَتْ عليه سهام المسلمين. فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمّة لهم، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق". (أحكام أهل الذمة1/210). فكيف يجرأ الولاة على مخالفة أوامر الخليفة القوي الذي لا يخشى في الحق لوم لائم؟ وهل يحتاج عمر بن العاص لرأي الخليفة في حرق الكتب ولديه العهدة العمرية. وقد عرف عن عمر بن العاص شدة ذكائه وسعة تفكيره، فهو ليس بحاجة لمشورة الخليفة في أمر يدركه جيدا.

 

7. لم يشر الرواة والمؤرخون الأوربيون القدامى الى مسؤولية المسلمين عن حريق الإسكندرية، وإنما تحدثوا عن الحرائق التي سبقت الفتح الإسلامي، وهناك من اعتبرها ثلاثة، وآخرون أعدوها خمسة، كما أن أبرز مؤرخي تلك الفترة (جون فيكيو) المعروفة بدقة تفاصيله وتوسعها، لم يتحدث عن هذا الموضوع البتة، اما بقية المؤرخين اللاحقين فقد أخذوا بروايات ابن العبري والقزويني وليس عن مؤرخيهم الأوربيين. كما ان معظم المؤرخين الأوربيين أكدوا بأنه لم يكن للمكتبة أصلا أي وجود خلال الفتح الإسلامي كما استعرضنا. قال ابن خلدون" انقرض ملك اليونانيين بهلاكها، وذهبت علومهم إلّا ما بقي بأيدي حكمائهم في كتب خزائنهم حتى بحث عنها المأمون وأمر باستخراجها فترجمت له من (هروش يوش)". (تأريخ ابن خلدون2/226)

ذكر محمد مسعود" اختلف الرواة في سبب اندثار دار الكتب، إنما اجتمعت الآراء عليه في أيامنا هو ان الكتب كانت التي كانت محفوظة في (البروخيوم) تلفت بسبب الحريق الذي حصل دوتنمة قيصر، حين ثار أهل الاسكندرية، ولكن هذا الخلل أصلح فيما بعد بكنب برغام التي أهداها الامبراطور مارك انطوان الى كيلوبترا، ووضعت برعاية هذه الملكة في السرابيوم. وزعم البعض أنه لما صارت كتب الاسكندرية الى هذا الحال دمرها عمر في القرن السابع من الميلاد وهو زعم أتفق مؤرخو عصرنا على بطلانه وعدم صحته. والحقيقة ان الكتب التي حُفظت في السرابيوم دمرها النصارى في القرن الرابع، أما الأخرى فهجرت الى سنة 868 من الميلاد وإذ ذاك أتلفها الأتراك لما احتلوا مدينة الاسكندرية.

كما ذكر عبد الله بن خالد الملقب بالشامي (القرن 8 م) عن السرابيوم" كان رواق الحكمة يحتوي على كتب قديمة ونفيسة جدا مكتوبة بحروف لا يحل رموزها إلا العلماء والمنجمون، وقد دمر النصارى هذه الكتب خوفا من أن يتوصل سحرة الوثنيين بواسطتها إلى الإضرار بهم، ولأجل أن يتأكدوا من عدم بقاء كتاب من هذه الكتب، فقد هدموا الذي كان يحتوي عليها، وجعلوا أعاليه سافله، على أن الدهر لم يتجاوز ذنبهم، بل جازاهم بمثل ما فعلوا، فساق اليهم عمر بن العاص فأحرق خزانة الكتب التي أسسوها برسمهم".

 

8. في الرسائل المتبادلة بين العمرين لا توجد أية إشارة إلى مكتبة الإسكندرية، في حين وصف عمرو بن العاص للفاروق الكثير من مشاهداته في مصر كقوله عن الإسكندرية" في هذه المدينة أربعة آلاف حمام وأربعة آلاف دار لها شرفات وأربعون ألف إسرائيلي يدفعون الضرائب وأربعمائة مكان للرياضة والتنزه واثنا عشر ألف حديقة تخرج الأثمار فهل يعقل أن الرجل الذي لا يغفل في تقريره الحدائق والديار أن يهمل ذكر مكتبة الإسكندرية لو كانت موجودة في عهده على ما لها من الأهمية ونحن نختم هذه الرسالة ببيت من الشعر الإنكليزي: إننا نوجه إليهم سهام اللوم وليس جديراً باللوم سوانا". (مجلة المقتبس الجزء8/20 عام 1906).

قال الهروي" سمعت على الشيخ أبى عبد الله محمد بن إبراهيم المقرئ قال: حدثنا أبو عثمان القاسم بن جعفر عن أبى داود سليمان بن الأشعث عن عبد الله عن نعيم بن سلامة الحميري عن محمد بن القاسم الثقفي عن عتبة بن مسعود عن مسلم بن عقبة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كتب عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى عمرو بن العاص وكان عامله على مصر يقول له: أما بعد يا عمرو، إذا أتاك كتابي هذا فابعث إلىّ جوابه تصف لى فيه صفة مصر وأوضاعها وما هي عليه حتى كأنني حاضرها» فأعاد عليه مكتوبا جواب كتابه يقول له: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد يا أمير المؤمنين، فإنها برية غبراء وشجرة خضراء بين جبلين جبل رمل وجبل كأنه بطن أقب أو ظهر أجب مكتنفيها، ورزقها ما بين أسوان إلى منشأ من البر ونتج من البحر، يخط في وسطها نهر مبارك الغدوات ميمون الروحات، يجرى بالزيادة والنقصان كمجرى الشمس والقمر، له أوان تظهر إليه عيون الأرض وينابيعها مسخرة له بذلك ومأمورة له، حتى إذا ضخم عجاجه وتعاظمت أمواجه واغلولت لججه ولم يبق الخلاص إلى القرى بعضها إلى بعض إلا في خفاف القوارب أو صغار المراكب التي كأنها في الحبائل ورق الأبابيل، ثم عاد بعد انتهاء أجله نكص على عقبه كأول ما بدا في دربه وطما في سربه، ثم استبان مكنونها ومخزونها انتشر بعد ذلك، أمة محقورة وذمة مغفورة، لغيرهم ما سعوا به من كدهم وما ينالوا بجهدهم شعثوا بطون الأرض وروابيها ورموا فيها من الحب ما يرجون به التمام من الرب، حتى إذا أحدق وأبسق وأسبل قنواته، سقاه الله من فوقه الندى ورباه من تحته بالثرى، وربما كان سحاب مكفهر الوابل، وربما لم يكن، وذلك في زماننا يا أمير المؤمنين ما يغنى ذبابه ويدر حلابه، فبينما هي برية غبراء إذ هي لجة زرقاء، إذ هي مدرة سوداء، إذ هي سندسية خضراء، إذ هي ديباجة رقشاء، إذ هي درة بيضاء (فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ(المؤمنون: 14) وفيها ما يصلح أحوال أهلها ثلاثة أشياء: أولها: لا يقبل قول خسيسها على رئيسها، والثاني: يؤخذ ثلث ارتفاعها يصرف في عمارة ترعها وجسورها، والثالث: لا يستأدى خراج كل صنف إلا منه عند استهلاله، والسلام". (الإشارات للهروي/50).

يبدو ان هناك خلطا مقصودا بين رسالة عمر بن العاص الى عمر الفاروق، وبين رسالة سعد بن أبي وقاص لعمر الفاروق عندما فتح بلاد فارس، ووجد فيها الكثير من الكتب المجوسية فكتب للفاروق عنما يفعل بها؟ فأجابه" اطرحوها في الماء فإن يكون ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه، وأن يكن ضلالا فقد كفانا الله". وهذه الكتب مجوسية وليس لها علاقة بالأديان السماوية كالنصرانية واليهودية.

 

9. هناك الكثير من الحقائق التي تدحض قضية الحرق منها حرص ومحافظة المسلمين على المكتبات التي تعود الى المسيحيين واليهود وبقية الأديان في البلدان التي فتحوها ومنها مكتبة (معبد السيرابيوم)، والمكتبات الموجودة في المعابد والكنائس والأديرة، يذكر د. نبيل لوقا بباوى" من المعلوم كذلك أنه في عهد عمر بن الخطاب في ربيع الثاني من العام السادس عشر من الهجرة في عام‏ 637‏م تم فتح بيت المقدس‏،‏ وكان بيت المقدس به مكتبة كبيرة‏.‏ ولو كان من عادة المسلمين حرق المكتبات لحرقوا مكتبة بيت المقدس‏. وكذلك تم فتح دمشق في العام الرابع عشر من الهجرة في عام ‏635‏م‏،‏ وكان بها مكتبة كبيرة‏،‏ ولم يتم حرقها. وقد تم فتح دمشق بمعرفة أبو عبيدة بن الجراح. والثابت كذلك أنه تم فتح الشام في العام الثالث عشر من الهجرة في عام ‏634،‏ وكان بها مكتبة كبيرة ولم يتم حرقها، فلم يكن من عادة المسلمين والعرب حرق المكتبات. ففي أثناء غزوة يهود خيبر لنقضهم عقد الصحيفة في العام السابع الهجري في عام ‏628‏، وبعد انتصار الرسول والمسلمين علي سلام بن مشكم زعيم خيبر، كان من الغنائم صحائف التوراة وكتب اليهود: أمر الرسول بتسليمها إلي يهود خيبر‏. وهذا يدل علي أنه ليس من سياسة الإسلام حرق كتب ومكتبات الآخرين، وإلا كانوا قد أحرقوا كل المكتبات في بيت المقدس‏‏ وفي دمشق وفي الشام‏.‏ ولذلك فإن خبر أو واقعة أن عمرو بن العاص هو الذي أحرق مكتبة الإسكندرية بعد استئذان الخليفة عمر بن الخطاب واقعة مكذوبة، ولا أساس لها من الصحة لأن التاريخ ثابت، والتاريخ لا يكذب". (مقال بعنوان هل أحرق عمرو بن العاص مكتبة الاسكندرية).

من جهة أخرى هناك روايات تؤكد احترام المسلمين لمقدسات الآخرين، منها ما ذكره البكري" أبي مينى، وهي كنيسة عظيمة فيها عجائب من الصور والنقوش توقد قناديلها ليلا ونهارا لا تطفى، وفيها قبو عظيم في أحد مبانيها فيها صورة جملين من رخام عليهما صورة إنسان قائم رجلاه على الجملين، إحدى يديه مبسوطة والأخرى مقبوضة، يقال إنّها صورة أبي مينى، كلّ ذلك من رخام. وفي هذه الكنيسة صور الأنبياء عليهم السلام كلّهم، صورة زكريا ويحيى وعيسى في عمود رخام عظيم على ذات يمين الداخل يغلق عليها باب، وصورة مريم قد أسدل عليها ستران، وصور سائر الأنبياء. ومن خارج الكنيسة صور جميع الحيوان وأهل الصناعات، من جملتها صورة تاجر الرقيق ورقيقة معه وبيده خريطة مفتوحة الأسفل، يعني أنّ التاجر بالرقيق لا ربح له. وفي وسط الكنيسة قبّة فيها ثماني صور يزعمون أنّها صور ملائكة، وفي جهة من الكنيسة مسجد محرابه إلى القبلة لا يصلّي فيه إلّا المسلمون حولها ثمار كثيرة وعامّتها اللوز الأملس والخروب المعسّل الرطب ويعقّد منه الأشربة، وكروم كثيرة تحمل أعنابها وشرابها إلى مصر". (المسالك والممالك للبكري2/647). وما ذكره الرحالة اليهودي بنيامين التطيلي" على بعد نصف ميل من قبر حزقيال، قباب تحتها قبور (حننية)، (ميشائيل) و(عزرية) (أي العزير) وهذه الأبنية كلها محافظ عليها من قبل اليهود والمسلمين. لا يمسها أحد بضرر حتى في أيام الحروب". (رحلة بنيامين/312).

إقرأ ما يقول الشريف الإدريسي في كتابه نزهة المشتاق عن مصر، مع أن فيه طعن كبير للعرب وذكر لمثالبهم خلال الفتوحات الإسلامية" إنما سميت بالفسطاط لأن عمرو بن العاصي لما استفتح مصر وأراد المسير إلى الإسكندرية أمر بالفسطاط أن يحط ويسار به أمامه فنزلت حمامة في أعلاه وباضت بيضتها فأخبر بذلك عمرو فأمر أن يترك الفسطاط على حاله إلى أن تخلص الحمامة فرخيها ففعل وقال والله ما كنا لنسيء لمن ألفنا واطمأن بجانبنا حتى نفجع هذه الحمامة بكسر بيضتها فترك الفسطاط وأقام بمصر إلى أن تخلص فرخ الحمامة ثم ارتحل". (نزهة المشتاق 1/323).

قال الحميري" مدينة من كور الجزيرة من أعمال الموصل والجزيرة ما بين دجلة والموصل، و(آمد) بمقربة من (ميافارقين) فتحها عياض بن غنم بعد قتال على مثل صلح الرها، فإنه لما أتى الرها خرج إليه أهلها فقاتلوه فهزمهم المسلمون حتى ألجأوهم إلى المدينة فطلبوا الأمان والصلح، فأجابهم عياض إليه وكتب لهم: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من عياض بن غنم لأسقف الرها إنكم إن فتحتم لي باب المدينة على أن تؤدوا لي عن كل رجل منكم ديناراً أو مد قمح فأنتم آمنون على أنفسكم وأموالكم ومن تبعكم، عليكم ارشاد الضال وإصلاح الجسور والطرق ونصيحة المسلمين شهد الله وكفى بالله شهيداً". (الروض المعطار1/3).

وفي كتاب عتبة بن فرقد لأهل اذربيجان" هذا ما أعطاه عتبة بن فرقد عامل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أهل أذربيجان، سهلها وجبلها وحواشيها وشعابها وأهل مللها كلهم، على الأمان على أنفسهم وأموالهم وشرائعهم على أن يؤدوا الجزية على قدر طاقتهم، ليس ذلك على صبي ولا امرأة ولا زمن ليس في يديه من الدنيا شيء ولا متعبد متخل ليس في يديه من الدنيا شيء، لهم ذلك ولمن سكن معهم، وعليهم قرى المسلم من جنود المسلمين يوماً وليلة ودلالته، ومن حشر منهم في سنة رفع عنه جزاء تلك السنة، ومن أقام فله مثل ما لمن أقام في ذلك ومن خرج فله الأمان حتى يرجع إلى حرزه". (الروض المعطار1/21).

 

10. فيما يتعلق بالرواة المتأخرين. مع الأسف أن بعض منهم سار كالأعمى وراء البغدادي وابن العبري دون أن يتبين درب الحقيقة، ويتوخى الدقة ويتحقق من الرواة سيما عمالقة المؤرخين وأقدمهم وأقربهم للحدث. هؤلاء البعض منهم ربما جاء حكمه بسبب عدم المعرفة وتوخي الدقة، ودون أن يكلفوا أنفسهم عناء الرجوع الى المصادر التأريخية الرئيسة والمعتمدة. والبعض الآخر بسبب العداء للإسلام والعروبة، ومحاولة تشويه الصورة الناصعة لهما والطعن بكبار الرموز. هؤلاء المغرضون يحبون الصيد في المياه العكرة. ومنهم على سبيل المثال الكاتب جرجي زيدان وهو ماسوني، عمل مترجما مع المخابرات البريطانية ورافقهم في حملتهم الاستعمارية على السودان سنة 1884 وحصل على ثلاث أوسمة بريطانية على نشاطاته المريبة. ذكر محمد كرد علي عنه" في سنة 1884 سار مع الحملة إلى السودان لإنقاذ غوردون باشا بصفة مترجم بقلم المخابرات وعاد بعد عشرة أشهر إلى بيروت وفي صيف سنة 1886 زار لندرا وعاد في الشتاء إلى مصر فتولى إدارة مجلة المقتطف والمؤازرة فيها حتى سنة 1888 وفي سنة 1892 اصدر مجلة الهلال".(مجلة المقتبس الجزء89/38 السنة 1914). من الحدير بالإشارة أن جرجي زيدان واحد من أشهر الماسونيين وهو صاحب كتاب (تأريخ الماسونية العام)". (راجع صحوة الرجل المريض/340). علاوة على شاهين مكاريوس (آداب الماسونية) والأب اليسوعي لويس شيخو(السر المصون في شيعة الفرماسون، ومحمد عبدة (جردة المنار لرشيد رضا/ج 8/410). علما بإن إدارة مجلة المنار في مصر طبعت الانتقادات الموجهة لكتب جرجي بك زيدان صاحب الهلال وورد" ان النقد مفيد في كل موضوع بكر به تنجلي الحقيقة ويدمث المسلك الوعر والأول من هذه الانتقادات بقلم شمس العلماء الشيخ شبلي النعماني من أساتذة الهند. قال عنه الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني" ليست مؤلفات زيدان إلا فهارس لا تنقع غلة ولا تبل أواما ولا تفيد المطلع عليها، وليتها بعد ذلك سلمت من معرة الخطأ وخلت من الغلط الفاحش الذي يرجع إلى الإهمال والعجلة. فلا هي جامعة فيرجع إليها عند الحاجة ولا صحيحة فيعتمد عليها ويوثق بها وكذلك ليست رواياته بأرفع مرتبة من سائر تصانيفه وتواليفه فكثيراً ما تجد القصة فيها مشوشة مضطربة لأنه لم يتولها بروية ولم يتعهدها بنظر ولا تدبر وذلك شأنه في كل شيء ولو كان زيدان ذا تؤدة وأناة لما استطاع أن يخرج لقرائه هذا العدد الكبير من الكتب والروايات. لم يكن زيدان عظيماً ولا فحلاً من فحولة الكتَّاب ولا من أصحاب المبادئ ولا من ذوي البسطة في العلم والرسوخ فيه، وإنما غاية ما نستطيع أن نقوله عنه أنه كان من أرباب الاجتهاد مطبوعاً على العمل كثير الدؤوب عليه، هذا فضله وتلك مزيته. وليست مؤلفاته من الإبداع والحسن بحيث تصبح عندنا في مرتبة آبائنا وأحبابنا وتجاربنا لما يتجلى فيها من سعة الروح التي تكاد تلتهم الدنيا وتساوي العالم الذي تصوره! كلا! ليست كتب زيدان من هذا الصنف وليس زيدان في الحق إلا رجلاً من الأوساط لم يرفعه الذكاء وقوة الذهن وسعة الروح إلى مرتبة العظماء والفحول، ولم يهبط به الغباء والبلادة إلى درجة العوام والغوغاء ". (مجلة البيان20/41).

قال جرجي زيدان" أن عمرو بن العاص أحرق تلك المكتبة بأمر الخليفة عمر بن الخطاب". (تاريخ مصر الحديث). بل أنه افترض أمرا غريبا يعكس سوء تقديره بقوله " لكن المسلمين بعد تمدنهم حذفوا هذا الكلام تصورا منهم أنه يسئ إلى دينهم وكبار رجالهم". (تأريخ التمدن الإسلامي3/49). مع إن التأريخ الإسلامي يحوي الكثير من المصائب التي لم يحذفها الرواة وهي تسيء للمسلمين والإسلام معا! مع هذا فقد ردٌ عليه المستر بتلر مؤلف كتاب (الفتح العربي لمصر) داحض تلك التهمة الباطلة. وهناك من حمل الشيعة فبركة الحادثة ورجح مسؤوليتهم عن حادثة الحرق، مثل محمد حسن هيكل بقوله " لعل الأسطورة نجمت في بيئات الشيعة". (الفاروق عمر2/170). والحقيقة أنه لا صحة لهذا الرأي، لأن مصدر الرواية ابن العربي والبغدادي والقزويني والقفطي وهم ليسوا من الشيعة. فبعض الرواة الشيعة تناقلوها كابن النديم وحاجي خليفة، ومن المحدثين الشيخ الأميني، ولكنهم ليسوا مصدرها الرئيس. أما طه حسن فالرجل كما قلنا حجة في الأدب وليس في التأريخ، لذا رأيه التاريخي في حرق المكتبة لا قيمة علمية له، لأنه نقله بعينه ولم يتمكن من إثباته بعقله غير البصير.

 

11. تشير الروايات بأن عمرو بن العاص حرق المكتبة مع بداية الفتح الإسلامي، وهنا نتوقف قليلا لأمر مهم لابد من التذكير به، وهو انه مع نهاية الحرب او استعمار أو فتح دولة، تقوم القوى الغازية باستخدام أسلوبين في التعامل مع شعوب الدولة الجديدة الخاضعة لنفوذها.

أ. أسلوب القوة والترهيب واستخدام العنف ضد المواطنين لأشاعه الخوف والجبن الروح الانهزامية في صفوفهم فلا يجرأوا على مقاومة الغزاة خشية البطش بهم، وغالبا ما تستخدم القوى الغازية هذا الأسلوب مع الشعوب التي تقاومها قبل إخضاعها واستعمارها. أو عندما تتكبد القوى الغازية خسائرا كبيرة في الأرواح والمعدات فتثأر لقتلاها وتنتقم من الشعوب الني قاومتها بعد أن تبسط سيطرتها، وهناك المئات من الشواهد التأريخية على هذا الأسلوب أبرزها الغزو المغولي للعراق.

ب. أسلوب الترغيب والتعاطف مع الشعوب المحتلة واستمالتهم الى صفها لدرأ اية محاولة منهم للتصدي الى قواتها الغازية أو تشكيل جيوب لمقاومة المحتل، وهذا الأسلوب قد يكون صادقا كما في حال الفتح الإسلامي للقدس ومصر، او مخادعا كما هو عليه الأمر مع الشعوب التي خضعت للاستعمار القديم والحديث. وسبق أن تحدثنا عن معاهدة الإسكندرية التي عقدها عمرو بن العاص مع المقوقس، وكيف إنه اهتم بالمصريين واستمالهم الى صفه واهتم بالعلماء والأدباء، لذا فلو قام على سبيل الفرض بحرق المكتبة ومعظم المصريين كانوا غير مسلمين لأثار سخطهم، وهذا ما لم يحدث.

من جهة أخرى غالبا ما يصاحب الفتح الإسلامي للأمصار، حتى لو كان سلميا فوضى سياسية واقتصادية بسبب التخوف من الفاتحين الجدد والتوجس من أهدافهم، ويكون القائد الفاتح منشغلا حينها في إدارة الدولة الجديدة وتنظيم شؤونها على مختلف الصُعد، لذا فأن موضوع وجود مكتبات وتحديد مصيرها لا يمكن أن تكون من اولويات مهامه. على العكس مما يتقول الشعوبيون، قال ابن خلدون" كان عمرو بن العاص لما فتح الاسكندرية كتب لبنيامين بطرك اليعاقبة بالأمان، فرجع بعد ثلاث عشرة من غيابه، وكان ولّاه هرقل في أوّل الهجرة كما قدمنا. وملك الفرس مصر والاسكندرية عشر سنين عند حصار قسطنطينية أيام هرقل، ثم غاب عن الكرسي عند ما ملك الفرس وقدموا الملكيّة، وبقي غائبا ثلاث عشرة سنة أيام الفرس عشرة وثلاث من ملكة المسلمين، ثم أمّنه عمرو بن العاص فعاد ثم مات في تاسعة وثلاثين من الهجرة، وخلفه في مكانه أغاثوا فملك سبع عشرة سنة". (تأريخ ابن خلدون2/270)

والأهم من هذا وذاك هو ما يقوله مؤرخو الغرب عن عمر بن العاص.

يذكر محمد مسعود" في الموسوعات الفرنسية العظمى في لفظة عمر جاء ما يأتي" كان عمر بن العاص شهما كريما حميد الأخلاق متحليا برداء التمدن، لذا يبعد عن الظن إنه هو الذي أحرق دار كتب الاسكندرية، التي كان قد دمرها النصارى من قبله بزمن مديد". (المنحة الدهرية/97).

 

ملحق مهم

مقالة مهمة للعلامة الشيخ شبلي النعماني أحد كبار دعاة الإصلاح في البلاد الهندية فند فيها أكذوبة حرق المسلمين مكتبة الإسكندرية، قام بتعريبها المرحوم محمد لطفي جمعة جاء فيها" أول من أشاع هذه الإشاعة في أوربا رجل اسمه أبو الفرج وهو ابن رجل من بني إسرائيل اسمه هرون الطبيب. وقد ولد أبو الفرج هذا في ملاطيه سنة 1226م. وانتحل أبوه المسيحية فنشأ الولد عليها وتفرغ في صباه لدرس فقهها وتمحيص حقاق تلك العقيدة وكان يحسن العربية والسريانية ولما ظهر علمه وبان فضله عين أسقفاً لجوبا وهو حينئذ في الحادية والعشرين من عمره ومازال يرتقي درجات الكهنوت حتى صار رئيس طائفة اليعاقبة ولم يكن فوقه سوى البطريرك وكتب أبو الفرج تاريخاً جمعه من مصادر شتى عربية وفارسية وسريانية ويونانية واختصره في سفر صغير كتبه بالعربية وسماه مختصر الدول وكان هو أول من ذكر خبر إحراق مكتبة الإسكندرية فلما نقل الكتاب إلى اللاتينية سنة 1664 بدأت الإشاعة تتفشى في أوربا بأسرها. وإليك ما ذكره جيبون في تاريخه بالحرف: وقد ذكر (ارفنح) و(كريستون) و(فلين) وغيرهم أن ما أشيع عن الإسلام والمسلمين من المساوئ لم يكن له ذكر قبل نقل هذا الكتاب مختصر الدول إلى اللاتينية ومن ذلك الحين ابتدأ الغربيون يبغضون المسلمين ويحتقرونهم وهاك ما جاء في مختصر الدول بهذا الشأن: ولما أحب عمرو يوحنا فيلوبونوس لعلمه وأدبه وقرَّبه من مجلسه وأدناه من نفسه وصارت ليوحنا دالة على عمرو لقيه يوماً وقال له: لقد ملكتم كل شيء في هذا البلد (الإسكندرية) بعد فتحه. فنحن لا نعارض في امتلاككم ما ينفعكم كما أنني لا أرى مانعاً من أن ننتفع بما لا تريدون فسأله عمرو عن غرضه فقال أريد ما في المكاتب الملكية من الكتب والمؤلفات الفلسفية. فقال عمرو لابد لي أن أسأل الخليفة في ذلك وكتب إليه يشاوره في الأمر فاتاه من عمر هذا الجواب. إذا كانت الكتب التي تشير إليها تتفق مع كتاب الله فلا حاجة لنا بها وإذا كانت تخالفه فإتلافها خير وأولى. فوزع عمرو الكتب على حمامات الإسكندرية وأمر بإحراقها لإحمائها فاستمرت النار ستة أشهر تأكل الكتب. فاقرأ وتعجب ما جاء في مختصر الدول. وقد انتشرت الإشاعة في أوربا على هذه الصورة وكان العلامة جيبون أول من نبه الناس إلى خطئها فإنه قال في كتابه إنني لا أعتقد بصحة هذه الرواية لأسباب قوية منها أن أبا الفرج بن هرون ولد بعد فتوح الإسكندرية بخمسة قرون وجاء قبله كثيرون من المؤلفين والمؤرخين ونحن لم نجد لهذه الإشاعة فيما كتبوه عن مصر ذكراً فكيف نعتمد على قوله ونحله من الصدق غير محله. وقد نبه جيبون بذلك أذهان علماء الغرب فانقسموا قسمين قسم نهض لمناصرة جيبون وقسم قام لمعارضته ومناهضته ومن هؤلاء (المستر كريستون) الذي كتب تاريخاً للإسلام فإنه قال: لو فرضنا أن أبا الفرج كاذب فيما قال واستغنينا عن روايته فإننا لا نستطيع أن نغض الطرف عن غيره من كتاب المسلمين أنفسهم أمثال عبد اللطيف البغدادي والمقريزي وكلاهما ذكر القصة في تاريخه بالتطويل. وكذلك قال (الهير كيريل) وهو يقول أن عبد اللطيف أول من ذكر هذه الحادثة وهو أيضاً ولد بعدها بخمسة قرون.

وإذ أن منبع هذه الإشاعة هو ما كتبه مؤرخو العرب فنحن أعلم بما كتبه هؤلاء من غيرنا والمثل العربي يقول وصاحب البيت أدرى بالذي فيه. ونحن نعلم أن الإفرنج الذي أيدوا الإشاعة اعتمدوا في كتبهم على ما كتبه عبد اللطيف والمقريزي وحاجي خليفة وقد سرت عدوى التقليد إلى بعض جهال المؤلفين فنقل أحدهم خبر وعزاه إلى ابن خلدون مما دل على أنه لا يعرف من العربية وكتبها شيئاً. ومن العجيب أنه ينقل ما نقل عما كتبه ابن خلدون عن عمر هذا على شهرة الكتاب بين قراء العربية وعلمهم بأنه لم يحدث لهذه القصة الكاذبة ذكراً.

أما كتاب المقريزي فها هو بين أيدينا ففي الجزء الأول من ص151 وصف المؤلف عمود السواري وهو أحد الأعمدة الشهيرة بالإسكندرية نقلاً عن عبد اللطيف البغدادي حرفاً بحرف. أما مكتبة الإسكندرية فقد ورد ذكرها عرضاً في تاريخ المقريزي ولذا يرى (الموسيو لانجل) أن ما كتبه المقريزي عن المكتبة لم يجيء في كتاب المقريزي إلا عرضاً أيضاً. ومن الغريب أن المؤلفين من الإفرنج ممن لم يروا تاريخ المقريزي مرة في حياتهم ويشيرون إليه في كتبهم وإلى سابقه تاريخ عبد اللطيف. أما المسيو لانجل فقد قرأ تاريخ المقريزي في لغته بالحرف ونقل منه تاريخ فتوح الإسكندرية نقلاً وافق فيه الأصل فلم يرد لمكتبة الإسكندرية في خلال ما كتب ذكر أو شبه ذكر.

وعليه فلا يبقى لدينا إلا مؤرخان هما عبد اللطيف وحاجي خليفة وكثيراً ما يشير مؤرخو الإفرنج إلى الأخير، ولكنهم لا يقتبسون منه حرفاً. وقد أراحنا دي ساسي من عناء بحث طويل في هذا الموضوع بأن نقل ما كتبه حاجي خليفة بهذا الشأن وهو: اهتمَّ الناس في صدر الإسلام بدرس فروع الشريعة وفنون الطب لاحتياجهم إلى الأمرين وضربوا صفحاً عما سواهما. ولما كانت العقيدة لم تثبت بعد ولا تزال مقلقة في قلوب الكثيرين ممن انتحلوا هذا الدين رأى أولو الأمر أن يحرقوا ما وجدوه من كتب العلم والحكمة في مكاتب البلدان المغلوبة لئلا يجد الشك سبيلاً إلى قلوب المسلمين. ويرى القارئ أن حاجي خليفة نفسه لم يذكر الإسكندرية أو مكتبتها بحرف إنما ذكر أمر احتراق الكتب عامة ولم يعين مكاناً وهذا نوع من التعمية والنقص في التاريخ لا ينبغي الركون إليه أو الاعتماد عليه فلم يبق بعد إلا عبد اللطيف البغدادي وهو الذي كتب كتاباً فيما شهده في مصر وقد فرغ من تصنيفه في العاشر من شهر شعبان سنة 603 للهجرة. وقد جاء فيه من الأغلاط والأكاذيب في وصف منارة سافاري ونسبتها إلى أرسطو والاسكندر وغيرهما ما يزعزع الثقة فيما كتبه هذا الثقة. وقد ذكر هذا الهير كيريل في رسالته التي قرأها على أعضاء مؤتمر علماء المشرقيات. على أن لدينا دليلاً آخر لهدم ما بناه عبد اللطيف لو فرضنا صدقه. أن عبد اللطيف لم يكن مؤرخاً بل كان كتابه عبارة عن مجموعة حوادث رآها في عصره وأحب أن يدونها بدون إمعان نظر أو أعمال فكرة".

من الرسالة يتضح ضعف المصادر التي أعتمد عليها المؤرخون الغربيون في ترويج أكذوبة حرق المسلمين لمكتبة الإسكندرية التي لم يكن بها وجود أصلا في زمن العمرين.

---------------

أهم مصادر المبحث

ـ القرآن الكريم.

ـ الأحاديث النبوية في الصحاح والسنن والمساند.

ـ تأريخ مختصر الدول. غريغوريوس ابن أهرون المعروف بأبن العبري. دار الشروق. بيروت 1992

ـ تأريخ مختصر الدول. غريغوريوس ابن أهرون المعروف بأبن العبري. تحقيق أنطوان صالحاني اليسوعي. دار الرائد اللبناني. بيروت 1994

ـ تأريخ الحكماء. جمال الدين القفطي. طبعة خانة اصفية سرمار. حيدر آباد الدكن.

تأريخ الحكماء. جمال الدين القفطي. مطبعة السعادة. مصر 1326 هـ.

ـ الفهرست. ابن النديم. دار المعرفة للطباعة والنشر.

ـ المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار للمقريزي. طبع بولاق 1272هجريه.

ـ المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار. أحمد بن علي العبيدي تقي الدين المقريزي. دار الكتب العلمية. بيروت. 1481 هـ

ـ كشف الظنون عن أسماء الكتب والفنون. حاجي خليفة. دار إحياء التراث العربي. بيروت 1941

ـ تأريخ ابن خلدون. طبعة أبناء الشيخ محمد عبد الخالق. مصر. 1930

ـ تاريخ المسيحية الشرقية. عزيز سوريال عطية. ترجمة إسحق عبيد

ـ موسوعة من تراث القبط، مجموعة من المؤرخين والعلماء المتخصصين. الدكتور الأستاذ سمير فوزي جرجس. الدكتور: موريس أسعد. الجزء الأول.

ـ دليل إلى قراءة تاريخ الكنيسة، تحت اشراف المطران يوسف ضرغام، ونيافة الأنبا يوحنا قلتة، والمستشار الأب فاضل سيداروس اليسوعي، ترجمة الأب صبحي حموي اليسوعي. الجزء الثاني:

ـ حضارة العرب. جوستاف لوبون. طبعة باريس. 1884.

ـ الكنيسة العراقية إزاء الاضطهادات الفارسية. الأب سهيل قاشا

ـ أحكام أهل الذمة. ابن قيم الجوزية. تحقيق: يوسف البكري. أحمد بن توفيق. دار رمادي. الدمام 1997.

ـ كتاب الإفادة والاعتبار في الأمور والمشاهدات والحوادث المعاينة بأرض مصر. موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي. إشراف وتقديم: د. عبد الرحمن الشيخ. الهيئة المصرية العامة للكتاب. الطبعة الثانية 1998.

ـ الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر. عبد اللطيف البغدادي (توفي 629 هـ). تحقيق. علي عمر. مطبعة وادي النيل. مصر 1286 هـ

ـ اغتيال العقل الشيعي. علي الكاش. دار النشر: أي للكتب. لندن 2015

ـ مقال بعنوان هل أحرق عمرو بن العاص مكتبة الاسكندرية. د. نبيل لوقا. جريدة الأهرام المصرية في 18/9/2003.

ـ قصة الحضارة، ول ديورانت: ترجمة د. زجي نجيب محمود. ومحمد بدران. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. جامعة الدول العربية.

ـ تأريخ العرب. فيليب حتي. جبرائيل جبور. أدور جرجي. دار الكشاف للنشر والطباعة. 1 ط بيروت 1958.

ـ تفسير إبن كثير. لإسماعيل بن عمر الدمشقي (8 أجزاء). دار طيبة 2002

ـ كتاب الخراج للقاضي ابي يوسف يعقوب بن إبراهيم. دار المعرفة. بيروت. بلا

ـ لسان الميزان. أحمد بن علي بن حجر العسقلاني. تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة. مكتب المطبوعات الإسلامية. 2002

ـ الكنى والألقاب. عباس القمي. مؤسسة الوفاء. بيروت 1983

ـ رسائل الجاحظ. عمرو بن بحر ابو عثمان. تحقيق عبد السلام محمد هارون. مكتبة الخانجي. القاهرة 1964.

ـ ديوان المبتدأ والخبر في تأريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر. عبد الرحمن ابن خلدون. تحقيق خليل شحادة. دار الفكر. بيروت 1988

ـ الإشارات الى معرفة الزيارات. ابو الحسن الهروي (توفي 611 هـ). تحقيق. علي عمر. مكتبة الثقافة الدينية. مصر 1423 هـ

ـ رحلة بنيامين بن يونة التطيلي. الرابي بنيامين التطيلي. تقديم عباس العزاوي. المجمع الثقافي. أبو ظبي. 2002

ـ السفرنامة. ابو معين الدين ناصر خسرو المرز وي. تحقيق: د. يحي الخشاب. دار الكتاب الجديد. بيروت 1983

ـ تاج المفرق في تحلية علماء المشرق. خالد بن عيسى البلوي الملقب ابو البقاء (767 هـ).. المكتبة الشاملة.

ـ فضائل مصر المحروسة. ابو عمر بم يعقوب الكندي المصري. المكتبة الشاملة.

ـ تأريخ المستبصر. ابن المجاور الشيباني (690هـ).. المكتبة الشاملة.

ـ المسالك والممالك. أبو عبيد عبد الله البكري. دار الغرب الاسلامي. 1992

ـ المسالك والممالك (الكتاب العزيزي). الحسن بن احمد المهلبي (متوفي 380 هـ). المكتبة الشاملة. تعليق. تيسير خلف. 2005.

ـ كتاب الاستبصار في عجائب الأمصار. كاتب مراكشي (توفي قبل القرن السادس هـ). تحقيق: سعد زغلول عبد الحميد. دار الشؤون الثقافية. بغداد. 1986

ـ حدود العالم من الشرق الى المغرب. كاتب مجهول. ترجمه عن الفارسية يوصف الهادي. الجار الثقافية. القاهرة. 1423 هـ.

ـ الروض المعطار في خبر الأقطار. أبو عبد الله محمد الحميري (متوفي 900 هـ). تحقيق: احسان عباس. مؤسسة ناصر للثقافة. بيروت 1980. ط2

ـ نزهة المشتاق في اختراق الآفاق. الشريف الإدريسي. (توفي 560 هـ). عالم الكتب. بيروت 1409 هـجرية.

ـ صورة الأرض. محمد بن حوقل البغدادي (متوفي بعد 367 هـ). دار صادر. بيروت 1938

ـ مسالك الأبصار في ممالك الأمصار. شهاب الدين العمري (700ـ 749 هـ). تحقيق د. أحمد عبد القادر الشاذلي. المجمع الثقافي. ابو ظبي 1423 هـ

ـ تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الأسفار. محمد بن عبد الله الطنجي (ابن بطوطة المتوفي 779 هـ). دار الشرق العربي.

ـ مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع. عبد المؤمن بن عبد الحق صفي الدين البغدادي. دار الجيل. بيروت. 1412 هـ.

ـ رحلة ابن جبير. محمد بن احمد بن جبير (المتوفي 614 هـ). دار بيروت للطباعة والنشر. بيروت الطبعة الأولى.

ـ خريدة العجائب وفريدة الغرائب. سراج الدين بن المظفر بن الوردي (المتوفي852 هـ). تحقيق: أنور محمود زناتي حسني التونسي. مكتبة الثقافة الاسلامية. مصر 2008.

ـ معجم البلدان. شهاب الدين ابو عبد الله ياقوت الحموي(المتوفي 626 هـ). دار صادر بيروت. 1995

ـ المنحة الدهرية في تخطيط مدينة الاسكندرية. محمد مسعود. المطبعة الحلمية. الاسكندرية. 1308

ـ المقتطف من أزاهر الطرف. ابن سعيد المغربي الأندلسي (توفي685 هـ). منشورات شركة أمل. القاهرة. 1425 هـ.

ـ الساق على الساق فيما هو الفارياق. أحمد فارس بن يوسف الشدياق. (المتوفي1304 هـ). المكتبة الشاملة

ـ بهجة الخاطر ونزهة الناظر. الشيخ يحي بن حسين البحراني. تحقيق: السيد امير رضا زاده. مجمع البحوث الاسلامية. مشهد. 1430 هـ

شبكة البصرة

الاربعاء 29 ربيع الاول 1446 / 2 تشرين الاول 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط

print