Untitled Document

شبكة البصرة منبر العراق الحر الثائر
print
نحو حكومات مرنة.. واتصال مبتكر (3) الأطفال.. الشباب.. المواهب.. كلمات سر المستقبل


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

نحو حكومات مرنة.. واتصال مبتكر (3)

الأطفال.. الشباب.. المواهب.. كلمات سر المستقبل

شبكة البصرة

بقلم: السيد زهره

* صناعة محتوى الطفل مهمة وطنية نبيلة

* الأطفال يطرحون أفكارا ملهمة مدهشة

* دراسة صادمة: الأطفال يقضون اكثر من 5 ساعات يوميا مع وسائل التواصل

* دول بنت اقتصادات كبرى بفضل اجتذاب العقول والمواهب

من متابعاتي لجلسات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في الشارقة ومختلف انشطته وما طرح فيها من أفكار وجرى من مناقشات، استطيع القول انه في المحصلة النهائية كان هناك اجماع على ان مستقبل الدول والمجتمعات في ظل التطورات العاصفة في كل المجالات متوقف على مدى الاهتمام بالأطفال، والشباب، ومدى القدرة على اجتذاب المواهب. هذه هي كلمات السر في المستقبل.

أفكار كثيرة طرحت بهذا الخصوص سنعرض لأهمها.

***

 

أي محتوى للأطفال؟

شهد المنتدى الدولي للاتصال الحكومي اكثر من جلسة ناقشت قضايا الأطفال من زوايا عدة، لكن القضية الأكبر كانت قضية المحتوى الذي يقدم للأطفال، كيف يجب ان يكون، ومن المسئول.. وهكذا. أفكار كثيرة طرحها الخبراء وطرحها الأطفال انفسهم سنتوقف عندها.

في احدى الجلسات أثيرت قضية دور الذكاء الاصطناعي في محتوى الأطفال. في هذا الخصوص قالت إيناس يعقوب أنه لا يزال من غير الواضح تأثيره على عقل الطفل أو قدرته على استبدال الإبداع البشري. كما أكدت أهمية الرقابة الأسرية في اختيار المحتوى المناسب للأطفال وتجنب الاتجاه إلى محتوى غير هادف.

وفي الجلسة تم تأكيد أهمية دور الأسرة في اختيار المحتوى المناسب للأطفال وربطه بالعادات والتقاليد، و ان التنشئة السليمة تساعد الأهل في عملية الرقابة الذاتية. وأكد المشاركون أن التلفاز ومنصات المشاهدة تظل نوافذ للأطفال على عوالم جديدة، ما يؤكد أهمية الانتباه إلى نوعية المحتوى المقدم.

من اهم الجلسات عن الطفل جلسة بعنوان "مستقبل محتوى الطفل.. بين التنافسية والقيم الثقافية". في هذه الجلسة اكد خبراء إعلام وعلم نفس أن صناعة محتوى الطفل مهنة نبيلة لا تقل أهمية عن مهنة المعلمين والتربويين، لأنها قادرة على غرس القيم الإيجابية في نفوس الأطفال وتنمية مهاراتهم وقدراتهم، ومساعدتهم على اكتساب مهارات جديدة، كما أنها تسهم في حمايتهم من الظواهر السلبية المختلفة كالتنمر، والضغط، والتوتر، والإساءة.

الدكتورة فهدة باوزير أخصائي نفسي أول اكلينيكي تحدثت عن قدرة أفلام الكرتون والرسوم المتحركة على زرع القيم الإيجابية والأخلاقية في نفوس الأطفال، وتحفيزهم على الاستكشاف المعرفي والتفكير الطموح، والسعي إلى تحقيق الأهداف، وتنمية المهارات الشخصية والأكاديمية، وأكدت أهمية تحديد نوعية البرامج بطريقة تراعي المحتوى الجامع بين التعليم والترفيه من أجل فتح بوابة إلى عالم الخيال والإبداع، وضمان تسريع وتسهيل مهمة الأهل في تعليم أطفالهم كيفية اتخاذ قرارات واعية.

واستعرضت الدكتورة فهدة باوزير مجموعة من القيم والمهارات الإيجابية التي يمكن للأطفال تعلمها من خلال أفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة، منها التمارين الرياضية والأكل الصحي، وتقنيات التنفس بطريقة سهلة ومبسطة، وأساسيات الإسعافات الأولية، والهدوء، وتنظيم الوقت، والروح الرياضية والصداقة، إلى جانب تنمية ملكة الخيال والإبداع والكتابة، وتطوير مهارات معينة يحتاج اليها الطفل لإثراء فكره، وسلوكياته، محذرة من الصدمات النفسية ومشاعر الخوف التي قد يتعرض لها الطفل جراء مشاهدة محتوى غير مناسب لفئته العمرية.

شادي شرايحة الشريك المؤسس والمدير التنفيذي في شركة "ديجيتيلز"، تحدث أيضا عن الأثر الكبير لأفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة على الطفل، وقال ان كل صانع محتوى متخصص بمضمون الطفل عليه أن يدرك مسؤوليته، ولا سيما في ظل منافسة الكم الهائل من المحتوى العالمي الذي يتدفق إلى شاشاتنا ومنصاتنا، لا سيما وأن صناعة الأنيميشن هي صناعة ناشئة في الوطن العربي، وأشار إلى دراسة تبين أنه في عام 2019 وصل عدد الساعات التي يقضيها الطفل على وسائل التواصل الاجتماعي إلى 4.5 ساعات مقابل 5.5 ساعات يومياً في عام 2023.

وأكد شادي شرايحة أن صناع محتوى الطفل العربي الذي يفكرون في الربحية السريعة مخطئون، في ظل تحديات إنتاج محتوى قيّم يسرد قصصنا ويستعرض قيمنا، وهذا ما يبرز أهمية الفكر الاستراتيجي والتعاون بين المحطات وصناع محتوى الطفل لنكون قادرين على تقديم محتوى قيّم للأطفال بعيداً عن الأرباح السريعة لأن الأرباح ستأتي عاجلاً أو آجلاً إذا كان المحتوى مفيداً.

وحول التحديات التي تواجه صناع محتوى الطفل، صرح شرايحة بأن أبرزها تشمل تحقيق التوازن بين المحتوى الجاذب والرسالة التي نريد إيصالها، ضمن الفترة الزمنية التي يستطيع الطفل التركيز فيها، والنجاح في شد انتباهه، إلى جانب صناعة محتوى علمي دقيق ومتطور تكنولوجياً يواكب التقدم التقني والتكنولوجي الهائل، حيث تتوجه صناعة المحتوى العالمية المخصصة للطفل إلى استخدام الواقع المعزز ويتم فيها مسح الكود عن القصة فتظهر الشخصية وتبدأ برواية الحكاية.

واعرب عن أمله في تأسيس منصة قادرة على تقييم المحتوى من خلال مجموعة من الخبراء في الإعلام والتربية والتعليم وعلم النفس.

***

 

للأطفال رأي مهم

من اهم الجلسات في المنتدى على الاطلاق فيما يتعلق بقضايا الطفل جلسة حملت عنوان "محتوى الأطفال في التواصل الاجتماعي"

الأهمية الاستثنائبة لهذه الجلسة ان الذين تحدثوا فيها هم الأطفال انفسهم، وتحديدا 15 طفلاً من أعضاء مجلس "شورى أطفال الشارقة". الجلسة ناقشت تأثير المحتوى الرقمي على الأطفال في عصر التكنولوجيا المتسارعة، وعبروا عن آرائهم ومخاوفهم تجاه المحتوى الذي يتعرضون له بشكل يوميّ عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

في الجلسة تم طرح مجموعة تساؤلات مهمة ومحورية عن المحتوى الذي يستهلكه الطفل الإماراتي يومياً، حيث أجاب الأطفال المشاركون: أن هذا المحتوى سلاح ذو حدين، فكما يمكن أن يزيد من وعي الطفل ويعرفه على عوالم جديدة لا يعرف عنها شيئاً، يمكن أن يغرس فيه الكثير من القيم المتناقضة مع قيم مجتمعنا العربي وتقاليده وعاداته.وأجمع الأطفال على ضرورة أن تأخذ الجهات المعنية احتياطاتها وتقوم بمراقبة المحتوى الذي ينشر للطفل، ويكون هناك إنتاج إعلامي ضخم يستهدف الأطفال واهتماماتهم، ويتفوق في جودته على المحتوى الأجنبي.

وفي الجلسة تم طرح سؤال: كيف يمكن صناعة محتوى جذاب للأطفال؟ وكانت ردود الأطفال ملهمة، فرأى مجموعة منهم أن أكثر شيء جاذب في المحتوى هو ألوانه الزاهية والإكثار من الرسوم المتحركة، ووضع موسيقى جذابة، ورأى آخرون أن القصص سهلة الفهم وذات الحبكة الواضحة تجذب الأطفال سريعاً، بالإضافة إلى ضرورة وجود شخصيات محببة يمكن التعلق بها، وأهمية تغذية مواقع التواصل الاجتماعي بالمحتوى التعليمي المشوق.

وفي نهاية الجلسة ناقش الأطفال الدور الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في صناعة محتوى الأطفال، وإيجابيات هذه التكنولوجيا وسلبياتها، حيث أجمع معظمهم على الإيجابيات كالاستكشاف والتعلم من خلال ألعاب الواقع الافتراضي، وعن المخاطر كان معظم الحديث حول التعرض لمحتوى غير مناسب للطفل، ومسألة التنمر الإلكتروني وفقدان الخصوصية، والإدمان الرقمي، واقترحوا مجموعة حلول مدهشة، أهمها تقليل وقت الشاشة في اليوم، والابتعاد عنها تماماً قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل، والرقابة الأسرية، والاشتراك في الأنشطة الاجتماعية المباشرة لتقليل الاحتكاك الرقمي الزائد.

***

 

قضايا الشباب

كما ذكرت الخبراء في المنتدى اعتبروا ان الاهتمام بالشباب احد اكبر أعمدة المستقبل.

وعبر عدة جلسات أثيرت قضايا الشباب من جوانب عدة في مقدمتها:

1- الاهتمام باعداد وتأهيل الشباب وتدريبهم كي يكونوا مواكبين للعصر في ظل التطورات المتسارعة في كل المجالات.

2- ضرورة تبني المواهب والمبدعين من الشباب واعطائهم اهتماما خاصا.

3- الاهتمام بتطوير التعليم على اعتبار انه حجر الزاوية في اعداد الشباب للمستقبل.

جون رينفورد، الرئيس التنفيذي لشركة "ستروبري فيلدز" تحدث في المنتدى عن ضرورة تقديم محتوى تعليمي شامل حول دمج التفكير المنطقي مع التكنولوجيا، واستخدام تقنيات رسم الخرائط الذهنية، وتعزيز مهارات التفكير الإبداعي. وقال انه يجب "تعزيز مهارات التواصل وتزويد الأطفال والشباب بالأدوات اللازمة لاستخدام التكنولوجيا بطرق مفيدة وذات مغزى".كما شدد رينفورد على أهمية إدراج التفكير المنطقي في المناهج التعليمية من سن مبكرة، معتبراً أن هذا سيساهم في تحسين قدرات حل المشكلات، وإحداث ثورة في نظم التعليم،

من جانبه أكد الخبير الاقتصادي جوستين لين في خطابٍ بعنوان "أينشتاين وفولتير للحكومات: بذور الموهبة تزدهر بالتعليم" أن الاستثمار في التعليم هو الاستثمار الأهم الذي يمكن لأي حكومة أن تقوم به. التعليم يساهم في تعزيز مواهب الإنسان، وهو عامل أساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث يجعل الناس أكثر ابتكاراً، كما أنه يُقلّل من الفروقات في الدخل بين أفراد المجتمع لأنه يُمكّن الناس من الحصول على دخلٍ مناسب، بالإضافة إلى ذلك، يسهم التعليم في تحقيق الانسجام الاجتماعي والتضامن لأنه يجعل لدى المواطنين الوعي بأهمية مساعدة الآخرين، فهو ليس امتيازاً شخصياً ولكنه خيرٌ عام.

وبدوره أشار رشيد يزمي بروفيسور ومهندس مغربي وعالم متخصص في علم المواد إلى أنّ التعليم يشكل حجر الزاوية في تكوين العقول المستقبلية، مؤكداً ضرورة تكييفه مع ما يتلاءم مع ثقافة الدول حتى يُحدِث التأثير المطلوب. وأضاف: "بسبب الاتجاهات التقنية الحديثة بات العديد من الشباب يعزفون عن التعليم بحجة أن تحقيق الربح المادي أصبح متاحاً عبر الإنترنت ولا داعي للتعليم، وهنا لا بدّ من التدخل لغرس قيمة التعليم واحترام القيم. ويُمكن أن ندعم ذلك من خلال استقطاب المواهب التي يمكنها نقل المعرفة للأطفال".

***

 

اجتذاب المواهب

اجتذاب المواهب قضية احتلت حيزا كبيرا من اهتمامات المنتدى، وذلك من منطلق ان استقطاب الأفراد الموهوبين والمتميزين أحد أهم عوامل النجاح وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز النسيج الاجتماعي والاقتصادي للدول.

جلسة مهمة ناقشت قضية اجتذاب المواهب.

الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجيّة، الوزير المكلّف باستقطاب واستبقاء المواهب والكفاءات، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمارات للدواء، قال أن ملف المواهب يعد حيوياً حيث أولت العديد من الدول أهمية لهذا الأمر في وقت مبكّر واستطاعت بناء اقتصادات كبرى بفضل هجرة العقول، مشيراً إلى أنّه عند تقييم أهم الدول في الوقت الراهن في هذا الملف تتصدّر الدول الغربيّة قائمة الأفضل عالمياً. وقال: "دولة الإمارات تأتي في المرتبة 22 عالمياً ولدينا خطّة استراتيجية واضحة ومتكاملة للوصول إلى قائمة أفضل 10 دول خلال السنوات السبع المقبلة، وقد بدأنا بذلك منذ 3 سنوات ونتبنى حوكمة هذا الملف حتى لا يكون عشوائياً".

بشكل عام اكد المتحدثون في الجلسة أهمية تبني الحكومات سياسات مرنة واستراتيجيات اتصال فعالة تسهم في جذب المواهب العالمية وتعزيز التنمية المستدامة، وجعل التعليم جزءاً مهماً في التنافسية العالمية على المواهب وتنمية القدرات المحلية، وضرورة إقناع أصحاب رؤوس الأموال بمميزات استقطاب المواهب وعدم الاكتفاء بالتوظيف فقط.

شبكة البصرة

الجمعة 10 ربيع الاول 1446 / 13 أيلول 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط

print