عرضت أمس لحديث الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور احمد الطيب الذي تطرق
فيه الى دور التعليم في تعزيز الهوية الدينية والثقافية لدى النشء والشباب
وحماية الجيل الجديد من مخاطر الفكر المتطرف والغزو الثقافي الذي تتعرض له
دولنا العربية.
وذكرت ان القضية أكبر بكثير من ان يكون التعليم وحده مسئولا عنها.
القضية ان الدول العربية تتعرض لهجمة شرسة تستهدف هويتها وقيمها وثقافتها. هجمة
هدفها تحطيم الهوية، وتزييف الوعي لدى الأجيال الجديدة بالذات، وضرب الولاء
الوطني.. وهكذا.
هذه الهجمة على الهوية الوطنية وعلى القيم والثقافة وراءها هدف استراتيجي أكبر.
الهدف هو تحطيم قدرة الدول العربية.. الهدف هو إبقاء الدول العربية ضعيفة مشتتة
ضائعة.. الهدف هو ان تكون الأجيال العربية الجديدة أجيال خنوعة طيعة، هويتها
مشوهة ليس لديها القدرة على الصمود او المقاومة او الدفاع عن اوطانها.
الفكرة الجوهرية في هذه الهجمة التي تتعرض لها دولنا هي ان مجتمعات ودولا عربية
هويتها محطمة وقيمها مشوهة، واجيالها الجديدة بلا اعتزاز وطني بهويتها وتاريخها
وثقافتها، وبلا ولاء وطني.. مجتمعات ودول هذا هو حالها لا يمكن ان تكون لديها
القدرة على النهوض والتقدم، ولا يمكن ان تكون لديها القدرة على الصمود
والمقاومة ومواجهة المخططات التي تستهدفها.
لكل هذا، كما ذكرت القضية اكبر بكثير من أن يكون التعليم وحده في دولنا العربية
هو المسئول عنها، على أهميته الكبرى الحاسمة.
هذه مسئولية يتحملها المجتمع كله، والدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها.
الأسرة مثلا تتحمل مسئولية كبرى، بل أكبر قدر من المسئولية. اذا لم تزرع الأسرة
لدى أبنائها قيم الاعتزاز بالهوية الوطنية والولاء الوطني وقيم الدفاع عن
الوطن، فأغلب الظن انه لن تجدي أي جهود أخرى كثيرا. الأسرة التي تزرع لدى
ابنائها مثلا قيم اعلاء الطائفية وأولويتها على الولاء للوطن ترتكب جريمة بحق
المجتمع والوطن وتقدم خدمة عظمى للقوى والجهات الأجنبية التي تستهدفنا
بمخططاتها.
الإعلام الوطني يتحمل مسئولية كبرى في الكشف عن مخططات استهداف دولنا وأبعادها
واهدافها، وفي التوعية العامة، وفي تكريس القيم الوطنية. الإعلام اصبح دوره
خطيرا خصوصا مع فوضى مواقع التواصل والانترنت التي اصبحت أحد أكبر الأدوات التي
تستخدمها القوى التي تستهدفنا، وأحد أكبر ادوات تنفيذ مخططاتها.
كل قوى المجتمع المدني بلا استثناء مسئوليتها كبيرة كل في مجاله وقطاع المجمتع
الذي يخاطبه.
وقبل هذا كله وبعده، لا بد من وجود استراتيجية وطنية عامة محددة المعالم لحماية
الهوية الوطنية وتكريس الولاء الوطني ومواجهة المخططات الأجنبية.
بالطبع، الدولة بمؤسساتها المختلفة هي المسئولة عن وضع هذه الاستراتيجية، والتي
في اطارها تتحدد ادوار مختلف الجماعات والقوى في المجتمع، وهي المسئولة عن
متابعة تنفيذها
المسألة باختصار شديد ان دولنا العربية تواجه خطرا جسيما.. خطرا يستهدف هويتها
ومكانتها وان تبقى خاضعة غير قادرة على الدفاع في مواجهة أي مخططات.
في هذه الظروف، الكل في دولنا يتحمل مسئولية أساسية اليوم لحماية اجيالنا
الجديدة بالذات وتحصينها في مواجهة هذه المخططات.. نتحمل مسئولية ان يتربى
ابناؤنا واحفادنا على قيم الاعتزاز والصمود والاصرار على الدفاع عن اوطاننا.
المسألة اننا يجب الا نصادر حق اجيالنا القادمة في ان يحققوا ما فشلنا نحن
فيه.. وكي نفعل هذا لا بد ان نربيهم التربية الوطنية السليمة وعلى القيم
الوطنية، لا قيم الخنوع والاستسلام. |