المسؤول في وزارة الخارجية البريطانية مارك سميث استقال من منصبه احتجاجا على
استمرار بريطانيا في بيع الأسلحة لإسرائيل وهو ما يعتبر تواطؤا في جرائم الحرب
الإسرائيلية في غزة.
المسئول البريطاني شرح أسباب استقالته في رسالة مطولة أرسلها الى عدد كبير من
المسئولين البريطانيين وتم الكشف عنها.
الشهادة التي قدمها المسئول البريطاني لها اهمية استثنائية لأسباب كثيرة أهمها
الموقع الذي كان يشغله في الخارجية.
سميث شغل منصب سكرتير ثانٍ لمكافحة الإرهاب، ويصف نفسه بأنه "خبير في مجال
سياسة مبيعات الأسلحة" بعد "مسيرة طويلة في السلك الدبلوماسي". وعمل سابقاً في
تقييم ترخيص تصدير الأسلحة في الشرق الأوسط للحكومة.
بحكم موقعه هذا، حين يتحدث عن موضوع تصدير الأسلحة الى إسرائيل، فان لموقفه
أهمية كبيرة.
المسئول البريطاني كتب رسالة طويلة شرح فيها اسباب استقالته وأرسلها كما ذكرت
البي بي سي بالبريد الالكتروني إلى مجموعة واسعة من القوائم بمن في ذلك مئات
المسؤولين الحكوميين وموظفي السفارة والمستشارين الخاصين لوزراء الخارجية.
في رسالته تطرق الى جوانب أساسية تستحق تأملها، في مقدمتها ما يلي:
أولا:
انه من موقعه تابع جرائم الحرب والابادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة. يقول إنه
و زملاءه شاهدوا كل يوم أمثلة واضحة لا جدال فيها لجرائم حرب وانتهاكات للقانون
الإنساني الدولي من قبل إسرائيل في غزة.
وأضاف أن "كبار أعضاء الحكومة والجيش الإسرائيليين أعربوا عن نية صريحة للإبادة
الجماعية، والجنود الإسرائيليون يلتقطون مقاطع فيديو تتعمد حرق وتدمير ونهب
الممتلكات المدنية. هُدمت شوارع وجامعات بأكملها، وحُظرت المساعدات الإنسانية،
وتُرك المدنيون بشكل منتظم دون مكان آمن للفرار إليه. كما تعرضت سيارات الإسعاف
التابعة للهلال الأحمر للهجوم، واستهدفت المدارس والمستشفيات بانتظام، هذه
جرائم حرب ".
ثانيا:
انه على ضوء كل جرائم الابادة الجماعية هذه في غزة، كان من الواضح تماما
بالنسبة له إنه "لا يوجد مبرر لاستمرار مبيعات الأسلحة البريطانية لإسرائيل،وان
هذه المبيعات يجب ان تتوقف" اذ يمثل هذا تواطؤا مع جرائم الإبادة.
ثالثا:
انه ابلغ موقفه هذا لوزارة الخارجية واثار مخاوفه "على كل المستويات" في
الوزارة، بما في ذلك من خلال آلية رسمية للإبلاغ عن المخالفات. لكن لم يتم
الاستجابة لموقفه او حتى الاهتمام مبه.
ويقول ان وزراء الحكومة البريطانية يدعون ان "لدى المملكة المتحدة أحد أكثر
أنظمة ترخيص تصدير الأسلحة صرامة وشفافية في العالم، لكن هذا عكس الحقيقة". وهو
يشير بهذا الى تصريحات المسئولين البريطانيين الذين يقولون باستمرار ان الحكومة
ملتزمة بالتمسك بالقانون الدولي في مسالة تصدير الأسلحة لإسرائيل.
المسئول اختتم رسالته بالقول: "بصفتي ضابطاً حاصلا على تصريح كامل وأثير مخاوف
جدية بشأن عدم الشرعية في هذه الوزارة، فإن تجاهلي بهذه الطريقة أمر مقلق
للغاية. ومن واجبي كموظف عام أن أثير الأمر".
كما نرى، أهمية هذه الشهادة تنبع من موقع هذا المسئول، ومما كشف عنه من انه نبه
الخارجية بالفعل الى ما يمثله تصدير الأسلحة لإسرائيل من جريمة ومن تواطؤ في
جرائم إبادة.
بعبارة اخرى، هو يريد أن يقول ان الحكومة البريطانية حين تشارك في الجرائم
الإسرائيلية عبر هذه الأسلحة، فانها تفعل ذلك عن وعي وعن عمد، وهو الأمر الذي
يجعل الجريمة البريطانية مضاعفة.
كما نعلم، لم تكن الحكومة البريطانية بحاجة الى ان ينبهها احد الى انها تشارك
في الجرائم الإسرائيلية. جرائم الحرب والابادة يتابعها العالم كله لحظة بلحظة.
كل المنظمات الدولية، وفي مقدمتها محكمة العدل والمحكمة الجنائية الدولية
وغيرها ادانت الدول المشاركة في هذه الجرائم وطالبت بوقف أي أسلحة او مساعدات
لمرتكبي الجرائم الإسرائيلية.
لكن بريطانيا وغيرها من الدول الغربية تشارك في هذه الجرائم عن وعي تام وبكامل
ارادتها.
وليس الأمر غريبا على بريطانيا بالذات، فهي صاحبة الجريمة الأصلية.. جريمة وعد
بلفور، ثم تمكين العصابات الإرهابية الصهيونية من اغتصاب فلسطين.
وشهادة المسئول البريطاني هي شهادة للتاريخ توثق الجريمة البريطانية. |