في الفترة القليلة الماضية شهدنا تصعيدا اسرائيليا خطيرا في الاعتداءات التي
تستهدف دولا في المنطقة.
شهدنا الاعتداء على مدينة الحديدة في اليمن. وشهدنا اغتيال فؤاد شكر القيادي في
حزب الله في غارة على جنوب لبنان. ثم شهدنا اغتيال القيادي الفلسطيني إسماعيل
هنية في طهران. والاعتداءات على سوريا والاغتيالات الإسرائيلية على الأراضي
السورية أصبحت متكررة.
السؤال: ماذا وراء هذا التصعيد الاسرائيلي الخطير في المنطقة؟
قد تبدو الاجابة المباشرة ان هذا رد انتقامي على ما يتعرض له الكيان الإسرائيلي
من هجمات من جانب المقاومة. لكن الحقيقة ابعد من هذا.
الذي يهدف اليه الإسرائيليون من وراء هذا التصعيد في الاعتداءات في المنطقة
ابعد بكثير من هذا. ما يريدونه ابعد بكثير من مجرد اغتيال هنية كقيادي بارز في
حماس على أمل ان يقود هذا الى اضعاف المقاومة، ومن مجرد الرد على هجوم تل ابيب
الذي حدث مؤخرا، والرد على صواريخ حزب الله.
الحادث ان حرب ابادة غزة في طريقها للنهاية وهناك ضغوط متزايدة من اجل وقفها.
وبغض النظر عن النوايا الاسرائيلية، فهم لا يستطيعون الاستمرار في الحرب الى ما
لا نهاية.
في نفس الوقت الادانات العالمية للإجرام الإسرائيلي بلغت حدا غير مسبوق من جانب
الشعوب والدول والمنظمات الدولية في العالم، واصبح هناك قناعة عالمية بأنه لم
يعد مقبولا الرضوخ لكل هذه الهمجية الإسرائيلية والتسامح مع هذه الإبادة
الجماعية لشعب بأسره، وأنه لم يعد من الممكن ترك القضية الفلسطينية دون حسم وآن
الأوان لانهاء الاحتلال وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة. والمؤكد ان
الضغوط العالمية في هذا الاتجاه سوف تتزايد بعد وقف حرب الابادة في غزة.
في هذا الاطار يمكن ان نفهم لماذا يصعد الكيان الإسرائيلي هجماته في دول
المنطقة في الفترة الأخيرة.
الكيان الإسرائيلي يريد تحقيق هدفين كبيرين من وراء هذا التصعيد:
الأول: تأكيد ما يعلنه بالفعل باستمرار من انه لن يكون هناك سلام ولن تكون هناك
نهاية للاحتلال، ولن تقوم دولة فلسطينية ابدا في أي اطار وفي أي وقت.
بعبارة أخرى، يريد الاسرائيليون اثبات انهم هم الذين يحددون مستقبل الصراع
برمته، وانه لن يستطيع أي احد ان يفرض عليهم أي شيء.
والثاني: يريد الإسرائيليون اثبات ان " ذراعهم الطويلة" قادرة على الوصول الى
اي دولة في المنطقة، وانهم قادرون على ان يفرضوا ارادتهم على كل دول المنطقة،
وان اعتبارات السيادة لا قيمة لها ولا معنى بالنسبة لهم.
بعبارة أخرى يريد الإسرائيليون توجيه رسالة مؤداها ان كل دول المنطقة ليس
امامها سوى ان ترضخ لإرادتهم بالقوة وبالارهاب، وان تقبل صاغرة لرؤيتهم لمستقبل
المنطقة كلها وليس فقط لمستقبل الصراع مع الشعب الفلسطيني.
المنطقة مقبلة على مرحلة مصيرية في منتهى الخطورة. مرحلة جوهرها من سيكون له
اليد العليا في المنطقة. الأمر لا يتعلق فقط بالقضية الفلسطينية، وانما بمصير
المنطقة برمته.
النتيجة النهائية سوف تتوقف على مواقف مختلف الدول وماذا ستفعل، وعلى مواقف
الدول العربية بالطبع بوجه خاص. هل سترضخ الدول العربية لهذا الذي يريده
الإسرائيليون ام ستكون لها كلمة أخرى؟ |