Untitled Document

شبكة البصرة منبر العراق الحر الثائر
print
غرائب المناظرة وأزمة أمريكا العميقة


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

غرائب المناظرة وأزمة أمريكا العميقة

شبكة البصرة

السيد زهره

حرصت على الانتظار حتى الفجر كي أتابع المناظرة بين الرئيس بايدن وترامب المرشحين لرئاسة أمريكا. تابعت المناظرة بالكامل وبعد انتهائها يتساءلت: هل هذا هو كل ما تملكه أمريكا؟.. هل هذا فعلا هو افضل ما في أمريكا؟.. هل وصل الحال بأمريكا الى هذا الحد من التدني والانحطاط والتفاهة؟

العالم كله انتظر المناظرة وتابعها. هذا أمر طبيعي. هذه مناظرة بين اثنين واحد منهما سيكون رئيسا لأكبر واقوى دولة في العالم وتقول انها أكبر ديمقراطية راسخة.. دولة أيا كانت وجهة النظر حول مواقفها وسياساتها فلا احد في العالم يستطيع تجاوز دورها الكبير الحاسم في القضايا العالمية. الكل مهتم بان يعرف كيف يفكر رئيسها القادم واي سياسات سوف يتبع.

جاءت المناظرة لتنزل كالصاعقة على رؤوس الجميع في أمريكا والعالم.

سلسلة من الغرائب والعجائب المرتبطة بالمناظرة تستعصي لأول وهلة على الفهم.

حتى قبل ان تبدأ المناظرة كان الاجماع في أوساط المحللين الأمريكيين والرأي العام أيضا انها ستكون اساسا مناسبة لمعرفة أي من المرشحين، بايدن وترامب، صحته افضل، واكثر وعيا وادراكا وتركيزا وفي حالة ذهنية وعقلية جيدة.

منطق عجيب جدا. كأن المطلوب أساسا من المرشح كي يكون صالحا لرئاسة أمريكا ان تكون صحته جيدة، وليس مهما بعد ذلك اي استراتيجيات اوسياسات او مواقف يتبناها إزاء القضايا الداخلية والخارجية. ان كان الأمر هكذا فلماذا لا يأتون بمصارع او بطل لكمال الأجسام كي يكون رئيسا؟

العجيب أكثر من هذا انه حتى بعد انتهاء المناظرة التي اجمع الكل في امريكا نفسها على وصفها ب" الكارثة" و" المهزلة"و ماشابه ذلك من الفاظ ظل هذا المنطق قائما. الأغلبية اعتبروا ان ترامب خرج من المناظرة فائزا بشكل ساحق على بايدن، وكثيرون قالوا انهم سوف يصوتون له بعد المناظرة. السبب في ذلك ان ترامب بدا في المناظرة اكثر حيوية وحضورا ولياقة من بايدن. هذا على الرغم من ان الكل وصف ترامب وما قاله في المناظرة بأنه كاذب ووقح ومراوغ والفاظ كثيرة مثل هذه.

ومن غرائب المناظرة ما حدث بعدها بالنسبة للحزب الديمقراطي.

بمجرد انتهاء المناظرة اجمع كثيرون جدا في أمريكا بمن في ذلك قادة ديمقراطيون والصحف الكبرى والمحللون على انه يجب إزاحة بايدن وتقديم مرشح آخر للحزب في مواجهة ترامب. هذا بالطبع بسبب ما اظهره بايدن اثناء المناظرة من عجز وهزال وعدم تركيز وعدم لياقة ذهنية وعقلية.

كأن الحزب الديمقراطي فوجيء تماما بحالة بايدن هذه مع ان القضية مثارة علنا منذ اشهر طويلة ولا يتوقف الحديث عنها. كيف وصل الحال بحزب كبير عريق مثل الحزب الديمقراطي الى هذا العجز والتردد والضياع؟.. كيف لم يفكر ولم يستعد لاحتمال عدم قدرة بايدن على الاستمرار في المنافسة؟. ولماذا رشحه أصلا؟.

اما عن المناظرة نفسها، فمن تابعها من الأمريكيين وفي العالم صدم من الشتائم والفضائح الشخصية التي رددها المرشحان والأكاذيب. لم يستطع احد ان يعرف ابدا أي شيء تقريبا عن سياسات ومواقف المرشحين إزاء القضايا الكبرى سواء الداخلية في أمريكا او القضايا العالمية.

الكاتبة الأمريكية مويرا دانيجان كتبت مقالا نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية لخصت فيه هذا الوضع بشكل بليغ ومعبر. قالت: "إن أمريكا تتألم وإن المناظرة لم تفعل لها شيئا. فخلال 90 دقيقة بدل أن يستمع الأمريكيون إلى مناقشة جادة بشأن الأزمات الطارئة التي خربت حياتهم، شاهدوا ثلاثة رجال عجائز بيض هم دونالد ترامب، وجو بايدن وصحفي فوكس نيوز كريس والاس، الذي عين مديرا للمناظرة يتشاجرون ويتبادلون الشتائم فيما بينهم".

ومضت الكاتبة في استعراض المهازل الشخصية في حديث بايدن وترامب وختمت مقالها بالقول: " إن سيرك الغرور والكذب والعدائية لم يـكشف شيئا جديدا عن المرشحين، ومن المضحك الادعاء بأنه يساهم في تقدم الديمقراطية، بل إنه بلغ قمة جديدة في الإحراج الوطني".

الامر هو بالفعل كما قالت الكاتبة الأمريكية. المناظرة بكل الغرائب التي أحاطت بها " احراج وطني " لأمريكا كلها.

حقيقة الأمر ان المناظرة ما هي الا عرض من اعراض ازمة عميقة تمر بها أمريكا.. ازمة ديمقراطية وازمة نظام سياسي وأزمة قيم.

شبكة البصرة

الثلاثاء 26 ذو الحجة 1445 / 2 تموز 2025

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط

print