قبل يومين أقيم حفل ختام مهرجان جمعية الفيلم في مصر في دورته الخمسين. الحفل
أقيم تحت شعار “تحيا المقاومة.. لتحيا فلسطين”.
اعجبني هذا الشعار، فهو يعبر عن معنى عميق وصحيح تماما. الشعار يعني ان
المقاومة واستمرارها ضمان لأن تحيا فلسطين.. لأن تتحرر فلسطين.. لأن ينتهي
الاحتلال الهمجي الغاشم.
هذه حقيقة تاريخية.
قبل كل شيء يجب التذكير بالحقيقة ربما كاد ينساها الكثيرون في العالم بأن
القانون الدولي نص على الحق في مقاومة الاحتلال، أي احتلال، بكل سبل المقاومة
بما في ذلك المقاومة المسلحة. القانون الدولي نص على هذا من منطلق قناعة عالمية
بان أي احتلال هو انتهاك لكل القيم البشرية ولا يمكن ان تكون له أي شرعية ويجب
ان ينتهي بكل السبل وتعتبر مقاومته واجبا أخلاقيا وقانونيا ومسئولية يتحملها
المجتمع الدولي كله..
منذ اغتصاب فلسطين على يد العصابات الصهيونية الإرهابية وقيام الكيان
الاسرائيلي، ظلت القضية الفلسطينية حية بفضل المقاومة.
على امتداد العقود الماضية لم يخفت صوت المقاومة الفلسطينية في يوم من الأيام.
اتخذت المقاومة كل الأشكال المتصورة.. مقاومة القوى والمنظمات الفلسطينية
المختلفة سياسيا وعسكريا.. والمقاومة الشعبية الفلسطينية التي اتخذت شكل
انتفاضات متكررة، وشكل صمود اسطوري رغم كل الآلام والمعاناة.. وهكذا.
منذ قيام الكيان الإسرائيلي، كان المخطط هو القضاء على القضية الفلسطينية.. ان
ينسى العالم قضية اسمها فلسطين، وان يتعامل معها في أحسن الأحوال على انها قضية
لا تتعلق بارض وحقوق للشعب الفلسطيني وانما تتعلق بمسائل مساعدات إنسانية.
هذا المخطط فشل بفضل المقاومة، وظلت قضية فلسطين قضية عالمية مطروحة بإلحاح
وصدرت عشرات القرارت الدولية التي تنصف الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
المقاومة كما ذكرت ليست فقط مقاومة المنظمات والفصائل الفلسطينية بكل
انتماءاتها، وانما هي قبل هذا وبعده مقاومة شعب بأسره. المقاومة الشعبية هي
الأصل والأساس.
ومن اكبر القضايا المهمة في هذا السياق ان مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ليست
مقاومة شعب فلسطين وحده، وانما مقاومة عربية عامة. المقاومة العربية لها دور
حاسم في المواجهة مع الكيان الاسرائيلي وفي معركة تحرير فلسطين واستعادة الحقوق
الفلسطينية.
المقاومة العربية تأخذ اشكالا وصورا كثيرة. مثلا، كل الكتاب والمثقفين
والصحفيين والناشطين العرب الذين يدافعون عن فلسطين ويتبنون قضيتها ويفضحون
الاحتلال ومن يناصره، يمارسون مقاومة عربية.
المواطنون العرب الذين يرفعون صوتهم نصرة لفلسطين وإدانة للاحتلال وجرائمه باي
صور يمارسون مقاومة عربية لها دور حاسم.
يجب ان نسجل هنا انه منذ بدأت حرب الإبادة الصهيونية في غزة، مارس المواطنون
العرب صورا مشرفة للمقاومة باحتجاجاتهم الشعبية بكل اشكالها. ومن اكبر صور
مقاومة المواطن العربي هذه المقاطعة الهادئة في كل الدول العربية تقريبا من
جانب المواطنين للشركات والمؤسسات الغربية الداعمة للكيان الاسرائيلي.
أيضا شعوب العالم التي انتفضت ادانة للجرائم الاسرائيلية ونصرة لفلسطين وشعبها
وكل الناشطين والمنظمات التي اتخذت هذا الموقف يمارسون المقاومة المؤثرة
والحاسمة.
نتاجا لهذه المقاومة على كل المستويات أصبحت القضية الفلسطينية في مقدمة
اهتمامات العالم كله، واصبح النضال من اجل استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه
كاملة وانهاء الاحتلال قضية عالمية بعد ان كان الاهتمام بها قد خفت وتراجع.
في تاريخ البشرية كله لم يحدث ان انتصر احتلال على شعب يقاوم ويرفض الظلم ويصر
على التحرر.
وفي فلسطين مهما ارتكب الاحتلال من جرائم إبادة وحشية، ومهما ناصره الغرب
ودعمه، سيزول هذا الاحتلال حتما وينتصر شعب فلسطين طالما هناك مقاومة وارادة
تحرر فلسطينية عربية وعالمية أيضا. |