تحدثت في مقال قبل أيام عن الخطة التي وضعها الكيان الإسرائيلي واطلق عليها "
كونسيرت" لمواجهة الحملة الإعلامية والسياسية في امريكا واوروبا المنددة
بجرائمه في غزة والمطالبة بمقاطعته ومحاسبته. هذه الخطة تضمنت 80 برنامجا بدأ
تنفيذها بالفعل منذ فترة وباتباع اقذر الطرق والأساليب.
هذا التحرك الإعلامي الصهيوني على الساحة الأمريكية والاوروبية لا بد ان يثير
بالمقابل التساؤل عن التحرك الإعلامي العربي في الخارج دفاعا عن القضية
الفلسطينية والقضايا العربية عموما وفي مواجهة الحملات الصهيونية.
بداية، لم يحدث في أي وقت في تاريخ الصراع العربي الصهيوني ان كامن المناخ
العام على الساحة الدولية مواتيا للتحرك الإعلامي العربي والدفاع عن قضايا
الأمة مثلما هو الحال اليوم.
كما نعلم فان حرب الايادة الصهيونية لغزة أحدثت انقلابا بكل معنى الكلمة في
المواقف الدولية وبالأخص على مستوى الراي العام.
هذا الانقلاب حدث من زوايا كثيرة في مقدمتها امران:
الأول:
ان حقيقة الكيان الإسرائيلي تكشفت امام العالم كله ككيان إرهابي لا يتردد في
ارتكاب اشنع جرائم الإبادة التي لم يشهد العالم مثلها.
في الحقيقة ان اكثر ما أرعب الكيان الإسرائيلي هو ان كل الدعاية الصهيونية التي
حرص على ترسيخها في الغرب عبر عقود طويلة سقطت فجأة واكتشف الراي العام العالمي
زيفها.
والثاني:
انه لم يحدث من قبل ان كان التأييد الشعبي العالمي بما في ذلك في الغرب للقضية
الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني مثلما هو اليوم.
وكما نعلم التأييد الشعبي العالمي للقضية الفلسطينية وادانته للكيان الإسرائيلي
اتخذ صورا ومظاهر كثيرة جدا كالمظاهرات في الشوارع، واحتجاجات طلاب الجامعات،
ومواقف المنظمات المدنية المختلفة.. الخ الخ.
ومن اهم وأكبر هذه المظاهر المنظمات الحقوقية الدولية التي حاصرت الكيان
الإسرائيلي وتسعى لمحاسبته وإدانة قادته كمجرمي حرب وابادة.
هذا الانقلاب الذي حدث على الساحة العالمية لصالح العرب وقع دون أي جهد اعلامي
او سياسي عربي مباشر. كان نتيجة مباشرة للفظائع وجرائم الإبادة الوحشية في غزة.
كما ذكرت هذا المناخ يوفر أوضاعا مثالية للتحرك الإعلامي والسياسي العربي
الفاعل على الساحة الدولية.
السؤال هو:
هل من الوارد ان يستغل العرب هذا المناخ إعلاميا
وسياسيا للدفاع عن الحقوق العربية عموما ولترسيخ صور إيجابية عن العرب في
الخارج؟
في الحقيقة ليس هناك ما يدعو الى التفاؤل على الألقل بحكم السوابق العربية في
هذا الخصوص.
التحرك الإعلامي العربي الفاعل عل الساحة الدولية ينطلب بداهة وجود خطة تفصيلية
لهذا التحرك تتضمن أهدافا محددة ومراحل عملية للتنفيذ، والشروع في تنفيذها
فعلا. هذا ما يفعله الكيان الاسرائيلي كما ذكرنا.
ببساطة لا توجد خطة اعلامية عربية بهذه المعايير، واذا وجدت فتبقى مجرد حبر على
ورق لا ترى النور في التنفيذ العملي.
منذ سنوات طويلة جدا وفي كل مرة يجتمع فيها وزراء الاعلام العرب، وهم المعنيون
بوضع وتنفيذ مثل هذا التحرك، نسمع عن وجود خطة إعلامية عربية للدفاع عن القضية
الفلسطيية والقضاي االعربية في الخارج.
عبر هذه السنين الطويلة لم نسمع ابدا ولا مرة واحدة عن اتخاذ أي خطوة عملية من
أي نوع لتنفيذ مثل هذه الخطط. والنتيجة فشل اعلامي عربي في الدفاع عن قضايا
الأمة في الخارج.
اذا استمر الوضع هكذا اليوم فالذي سيحدث ان كل المكاسب الإعلامية والسياسية
التي تحققت للعرب نتيجة الانقلاب الذي حدث على الساحة العالمية ضد الكيان
الاسرائيلي سوف تتآكل وتتلاشى تدريجيا وخصوصا مع وجود الخطط لصهيونية التي يجري
تنفيذها بكل الحسم.
اليوم تتولى البحرين قيادة العمل العربي المشترك. الأمل معقود على ان تنجح في
كسر دائرة هذا الفشل الإعلامي العربي في الخارج وان تقوم بتفعيل خطة للتحرك
الإعلامي العربي ونقلها من عالم الورق الى ارض الواقع.
|